| المستخلص: |
إن الجريمة المنظمة وبصورها الحديثة أصبحت تمثل خطرا كبيرا يواجه الدول كافة، سواءا كانت دولا نامية أو متقدمة، الأمر الذي جعلها تأخذ حيزا هاما من الاهتمام لدى كل الباحثين وصناع القرار، حيث لم يعد التكفل بقضايا الأمن مقتصرا على المفهوم الكلاسيكي القديم، وإنما تحول التفكير إلى جعله قضية مركزية تتطلب تضافر العديد من الجهود وإجراء الكثير من الإصلاحات القانونية على رأسها مسايرة التطور الحديث الذي يشهده العالم، مع تعديل وتطوير النصوص الجنائية والإجرائية التي تحصن الأجهزة الأمنية المختلفة للدول المختصة في ميدان محاربة الجريمة المنظمة، وتسهيل التنسيق بينها في ظل احترام المبادئ القانونية العامة وفق ما تضمنته الاتفاقيات الدولية وعملا باحترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان وفي نفس الوقت ترسيخ مبدأ إقرار العدالة الرامي إلى عدم السماح لأي عنصر من الإفلات من العقاب وتوقيع الجزاء على الأشخاص الذين يرتكبون هذا النوع من الإجرام مهما كانت صفاتهم الرسمية. إن إفرازات العولمة مع نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة وما تبعها من آثار سلبية وخطيرة للإجرام المنظم على الاستقرار السياسي والأمني للدول نظرا للانفتاح الاقتصادي والتجاري وتلاشي الحدود مثل ما هو الحال عليه لدى دول الاتحاد الأوروبي، كان لزاما ودافعا لإيجاد آليات عمل جديدة للمواجهة والتنسيق على كل الأصعدة تمثلت أساسا في عقد تحالفات واتفاقيات دولية وجهوية وخلق أجهزة مختصة تعمل بإجراءات جد متطورة مع سرعة وتسهيل تبادل المعلومات ونشرها باستعمال الطرق والتكنولوجيات الحديثة التي عادة ما تكون محل لقاءات ودورات تكوينية للرفع من أداء العناصر المختصة واكتسابهم المهارة والمهنية والاطلاع على مختلف التجارب وهو المسعى الذي تنتهجه منظمة الأنتربول INTERPOL التي تعتبر ثاني أهم أكبر تجمع دولي بعد هيئة الأمم المتحدة مختص في محاربة الإجرام وتسهيل عمل الأجهزة الأمنية لمختلف الدول الأعضاء ومنظمات جهوية وإقليمية تسعى لنفس الغرض كان آخرها استحداث منظمة الشرطة الإفريقية الأفريبول AFRIPOL بالجزائر العاصمة، بالإضافة إلى منظمات للتنسيق والمساعدة على مستوى هيئة الأمم المتحدة وعلى رأسها لجنة الأمم المتحدة لمنع الجريمة وإدارة العدالة الجنائية (UNCCPJ) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات ومنع الجريمة (UNODC) قصد متابعة الإجرام المنظم خاصة الإتجار بالمخدرات والأشخاص، ورغم ذلك فإن الظاهرة في تزايد وتطور مستمر الأمر الذي يدعو للقلق والتفكير في آن واحد من أجل رفع آليات التنسيق الأمني والقضائي إلى أقصى الحدود، للحد من هذه الظاهرة بالترفع عن الملاحظات والتحفظات المصلحية الضيقة التي تتحجج بها بعض الدول.
|
