ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







يجب تسجيل الدخول أولا

الثقافة والتنمية من خلال الكتاب الجامعي المغربي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية

المصدر: مجلة أنوار المعرفة
الناشر: جامعة الزيتونة - كلية التربية - سوق الأحد
المؤلف الرئيسي: بوزويتة، سمير (مؤلف)
المجلد/العدد: عدد خاص
محكمة: نعم
الدولة: ليبيا
التاريخ الميلادي: 2022
الشهر: فبراير
الصفحات: 161 - 163
DOI: 10.35778/1753-000-950-011
رقم MD: 1307073
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: EduSearch, AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

15

حفظ في:
المستخلص: في سياق تاريخي هام يقتضي تثمين ما يمكن تثمينه، ووضع الأصبع، إن دعت الحاجة إلى ذلك، على مكامن الضعف والخلل في أي قطاع كان. لذا أرى لزاما تهنئة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتحديد كلية التربية (جامعة الزيتونة)، على هذه المبادرة. وكذلك توجيه الشكر للجنة المنظمة والاستشارية التي كرست جهدها من أجل إنجاحها. لقد اخترت التطرق إلى موضوع: "رهانات الثقافة والتنمية من خلال إسهامات الكتاب الجامعي المغربي في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية". وسأتناوله من خلال النقط التالية: 1-في الانتساب الفكري، 2-في الثقافة والتنمية، 3-الجامعة والمعرفة وتحديات المجتمع الشبكي، 4-إسهامات الكتاب الجامعي في بناء مسالك التنمية. 1-في الانتساب الفكري: إن حديثي عن الكتاب في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية لا ينطلق أرى بداية من فراغ. إنه يرتبط عندي بمرجعية جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس (المغرب)، حيث تستثمر هذه الجامعة التاريخ العميق لها وتعيد صياغته من خلال توطين أسس التنوع الثقافي، وتعزيز قيم المواطنة، وإرساء الظروف الملائمة لتلاقح العلوم وتثمين المهارات الناتجة عنها. 2-في الثقافة والتنمية من منظور الجامعة إن الجامعة اليوم تجاوزت المهام التي أنيطت بها في القرون الوسطى، وكذلك تلك الاختصاصات التي كانت تريد لها أن تكون بمثابة نظام يوحد مختلف العلوم مع الإغراق في التخصص في آن واحد. وهكذا يمكن القول إن فكرة التخصص، التي لا نلغي أهميتها، هي التي كانت من وراء تفكك صلة التواصل بين العلوم منذ القرن التاسع عشر، كما أدت إلى ترسيخ ثنائيات تنطوي على مغالطات شتى كثنائيات الفكر والعلم، الخيال والعقل، الأدب والرياضيات... لقد كان من بين نتائج ذلك التفكك تطور المجتمع الصناعي في اتجاه هيمنة التقانة على حساب الفكر وقيم الإتيقا. ما شجع على الاعتقاد بأن التحكم في هذه الأخيرة يمكن الإنسان من تحقيق الرفاهية، كما كان يقول بذلك جاك منود (Jacques Monod) في كتابه: Le Hasard et la Nécessité Essai sur la philosophie naturelle de la biologie moderne في الواقع لقد تغير العالم كثيرا مع نهاية القرن الماضي، إلى درجة يمكن القول إنه يمر بمنعطف جديد تمثل في انتقاله التدريجي إلى مجتمع ما بعد الصناعة، أو ما أصبح يسمى بمجتمع المعرفة أو مجتمع اقتصاد المعرفة، لكن يبقى السؤال مطروحا: هل لدينا في هذا المنعطف الذي يفرضه نظام التكنو معلوماتي ما يسمح بنمط عيش تتحقق فيه قيم الإنسان؟ هل يشكل أفقا رحبا لتوطيد علاقته بالبيئة وتعضيض قدراته من أجل الارتقاء إلى تنمية مستديمة وخلاقة لا تمت للاستلاب بأية صلة؟ 3-الجامعة والمعرفة وتحديات المجتمع الشبكي لقد بدأت الجامعة المغربية اليوم تتيح لطلبتها إمكانات هامة لتحصيل المعرفة التي تسمح بالإجابة على سؤال هيدغر: "كيف علينا أن نفكر؟"، أي أنها أخذت على عاتقها أن تكون بالأساس بمثابة فضاء شبكي يمتلك الطالب فيه القدرات الفكرية الكفيلة بتناول مختلف الإشكالات من عدة أوجه معقدة إن على مستوى الجزء أو الكل، أو على مستوى الظاهر والمضمر.

إن هذا التوجه على مستوى الدرس الأكاديمي لم يتم فقط تحت طائلة تأثير الواصل القائم بين الجامعة المغربية والجامعات الأجنبية في الدول المتقدمة، بل إنه أيضا وليد خصوصية التطور الذي شهده قطب العلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة المغربية. فكيف تعاملت هذه العلوم مع الواقع المغربي؟ وكيف تسنى لها أن تستوعب منطق التداخل مع عطاءات العلوم الأخرى؟ وما الذي استطاعت أن تحققه في سبيل التنمية؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها يتطلب الوقوف عند رصيد الإصدارات التي رأت النور من فضاء الجامعة المغربية. 4-إسهامات الكتاب الجامعي في بناء مسالك التنمية: صحيح قد نتفق مع الرأي الذي يقول بأن معطيات الإنتاج في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية لا يرقى كميا إلى المستوى المنتظر. فالإصدارات السنوية للأساتذة الجامعيين لا تتجاوز 200 عنوانا، والمجلات لا تتجاوز 30 عددا سنويا، والأعمال الجامعية تقل عن 40 كتابا سنويا، أما المقالات المنشورة في المجلات الدولية المحكمة فهي نادرة جدا. لكن إذا ما تركنا الأرقام جانبا وتأملنا في حصيلة الإصدارات الجامعية المغربية منذ نهاية الستينات إلى اليوم، سنجد أنفسنا أمام كم محترم من العناوين في شتى أصناف العلوم والمعرفة التي كان لها الفضل في ترقية الأداء المعرفي للجامعة المغربية. وكمحاولة لتقريب المهتم من مدى أهمية الكتاب الجامعي المغربي وبالدور الذي يؤديه في التنمية، نقترح في هذه المداخلة نمذجة لحصيلة الإصدارات المنجزة، من دون شك أنها ستكون دالة على ما نريد توضيحه. 1-يتميز النمط الأول من الإصدارات الأولى للكتاب الجامعي المغربي بميوله نحو بناء بردغمات تحليلية قصد الإحاطة بمختلف النظم (Système) المتحكمة في تشكيل الدولة المغربية وتطورها. 2-أما النمط الثاني من الإصدارات الجامعية المغربية فيمكن حصره في الفترة الممتدة ما بين الثمانينات إلى بداية الألفية الثالثة. يتميز هذا النمط الثاني بإصدارات تندرج في إطار التحليل القطاعي بحيث بدأنا نلاحظ بروز داخل حقل البحث العلمي توجه صريح نحو المقاربة المتخصصة التي تحاول تسليط الضوء على مواضيع محددة. 3-أما النمط الثالث من إصدارات الكتاب الجامعي المغربي منذ بداية الألفية الثالثة إلى اليوم، فيمكن القول بأنه يتميز باتجاهات ثلاثة: - أولها اتجاه المراجعة النقدية بغية تسليط الضوء على مستوى التشخيص والتحليل. - أما الاتجاه الثاني دائما في المنحنى ذاته، فلقد أخذ على عاتقه الخوض في مواضيع كانت تعتبر بمثابة طابوهات أو ليست ذات أهمية بالنسبة للبحث الجامعي مثل: مسألة الإرث بالنسبة للإناث، حرية الاعتقاد، الثقافة الشعبية، الأعيان والسياسة، المجتمع المدني، الأدب النسائي. - والثالثة إلى اليوم، نلاحظ أنه تميز بصدور دراسات هامة كان لأصحابها باع لافت في مجالات لها صلة بالأدب واللغويات أو الاجتماعيات ثم توجهت نحو أفق فتحها على الرقميات وانشغالات إبداعات التواصل الاجتماعي. بعد هذا الرصد السريع والوجيز لأهم القضايا التي شغلت الكتاب الجامعي على امتداد أكثر من أربعين سنة، يحضر السؤال بقوة وإلحاحيه: كيف ساهمت إذا، المعرفة الجامعية ببلادنا في بناء التنمية؟ وهذا ما سنحاول الإجابة عنه.