المستخلص: |
يعد التغير المناخي من أبرز التحديات أمام النظم القانونية المعاصرة، فعلى المستوى الدولي اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها (A/RES/76/300) في 28 يوليو ٢٠٢٢، بأن الحق في بيئة نظيفة ومستدامة حق من حقوق الإنسان، كما إنها أصدرت قرارا في 29 مارس ٢٠٢٣ بشأن طلب الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية بشأن تحديد التزامات الدول إزاء التغير المناخي، أما على المستوى الوطني؛ فقد تضمنت دساتير الكثير من الدول نصوص مكرسة للتنمية المستدامة بشكل عام، والحقوق البيئية على وجه التحديد، فقد نصت المادة (٢٧) من الدستور المصري الحالي على التنمية المستدامة باعتبارها حجر أساس للنظام الدستوري الاقتصادي، كما أن المادة (32) منه ألقت على عاتق الدولة التزام بمراعاة حقوق الأجيال القادمة، وأخيرا نصت المادة 46 منه على الحق في بيئة صحية سليمة كحق دستوري. علاوة على النصوص الدستورية، ابتدعت النظم القانونية المقارنة العديد من الآليات المؤسسية والإجرائية للتصدي لآثار وتداعيات التغير المناخي، مما أدى إلى بلورة النظرية الدستورية الخضراء (Green Constitutional Theory)، وتشغل السلطة القضائية مركزا جوهريا في تلك النظرية كشريك أساسي للسلطتين التنفيذية والتشريعية في مواجهة التغير المناخي وهو ما أدى إلى تطور ظاهرة التقاضي المناخي (Climate Litigation). لكن مع تفاقم آثار التغير المناخي وما اتسمت به الإشكاليات البيئية من طبيعة علمية شديدة التعقيد، شرعت الكثير من الدول في إنشاء قضاء بيئي متخصص (Environmental Courts) لأجل التعامل بكفاءة وفعالية مع تلك الإشكاليات، حتى أصبح هناك ٢١١٥ محكمة أو لجنة مختصة بالمنازعات البيئية في ٦٧ دولة، وتعبيرا عن أهميتها، صدر- عام ٢٠٢٢- تقرير برنامج الأمم المتحدة المعني بالبيئة (UNEP) بخصوص المحاكم البيئية ليكون دليلا لصناع السياسات. في ضوء ما سبق؛ يتعرض البحث لحدود دور السلطة القضائية في فض المنازعات المناخية ثم ننتقل عقب ذلك للحديث عن نشأة القضاء الأخضر المتخصص من ناحية أنماط فض المنازعات البيئية في النظم القضائية المقارنة هذا من جانب، ومن جانب آخر نتعرض لمظاهر الإبداع القضائي المقارن للمحاكم الخضراء من ناحية التعامل مع الخصوصية العلمية للمنازعات المناخية، ونتعرض لبعض التطبيقات القضائية لمحكمة نيو ساوث ويلز للأرض والبيئة (Land and Environment Court of New South Wales) ونختتم البحث بالحديث عن مدى إمكانية تطبيق تجربة المحاكم الخضراء في النظام الدستوري المصري لتحقيق الهدف الثالث من أهداف الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي ٢٠٥٠ المتعلق بتحسين حوكمة العمل المناخي.
Climate change is one of the urgent challenges facing constitutional systems in the 21st century. At the international level, on July 28, 2022, the UN general assembly declared that the right to a healthy environment is a fundamental human right. At the national level, several states have innovated several institutional and procedural mechanisms to tackle climate change impacts, which led to the emergence of green constitutionalism, and the judiciary plays a fundamental role in the constitutional theory as a complementary institution to the executive and legislative branches. This role led to the emergence of climate litigation phenomena. However, the severe impacts of climate change and the growing scientific complexity of climate cases led to the emergence of specialized environmental courts to tackle those complexities effectively and efficiently. The United Nations Environment Program (UNEP) documented the institutional and procedural aspects of nearly 2115 green courts in 67 countries. Considering the above-mentioned, this research paper sheds light on the role of the judiciary in climate change governance generally and the emergence of green courts. This paper will focus on the role of green courts regarding scientific issues in climate change cases and the specific role of the Land and Environment Court of New South Wales. It will be concluded by discussing whether this institutional innovation could be applied to the Egyptian constitutional system.
|