ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







يجب تسجيل الدخول أولا

إشكالية الدولة القطرية العربية المعاصرة

المصدر: مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية
الناشر: جامعة دمشق
المؤلف الرئيسي: شيحة، ميشيل (مؤلف)
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): Shiha, Michelle
المجلد/العدد: مج 22, ع 1
محكمة: نعم
الدولة: سوريا
التاريخ الميلادي: 2006
الصفحات: 311 - 343
ISSN: 2072-2273
رقم MD: 50900
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo, EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: نشأ النظام العربي في الأصل مؤسسا على واقع الدولة القطرية. فقد تكونت جامعة الدول العربية في عام 1945 من سبع دول عربية مستقلة، وأوجد ميثاقها نماذج للتفاعل بينها لا تتجاوز هذا الواقع القطري وإن لم تحل دون تخطيه لمن شاء، واستمرت هذه الصيغة مع توالي استقلال البلدان العربية وانضمامها للجامعة. وقد كانت وقعة الاستقلال القطري بحد ذاتها نقطة انطلاق لتكريس واقع الدولة القطرية بحكم مصالح النخب الحاكمة وسعيها إلى ترسيخ أوضاعها استنادا إلى شرعيات "وطنية"، وتغذية النوازع "الوطنية" القطرية أحيانا على حساب القومية. وقد تعامل الفكر القومي العربي مع هذه الظاهرة، على الأقل وفق بعض تياراته الأصيلة، تعاملا سليما يجمع بين الواقعية والمثالية، فقد اعترف بالواقع القطري وإن لم ير فيه عائقا أمام تحقيق الوحدة العربية. ومع ذلك ينبغي التسليم بأن النغمة الشائعة في الكتابات والتحليلات والملتقيات الفكرية ذات الوجه القومي العربي كانت نغمة استنكار للدولة القطرية، وتحميلها مسؤولية إعاقة العمل الوحدوي، وإن بدأت هذه النغمة تخف في السنوات الأخيرة بعد أن فرضت تطورات قطرية وعربية وعالمية مزيدا من المناعة للدولة القطرية. فعلى الصعيد القطري، كان كل يوم يمر يمثل ترسيخا للمصالح التي تبلورت عن مؤسسة الدولة القطرية. وعلى الصعيد العربي، أسهم تعثر مسيرة الوحدة العربية في تقديم حجة للقائلين بأن بناء النظام العربي على أساس الدولة القطرية مسألة دائمة وليست انتقالية. وعلى الصعيد العالمي، لم يعد ثمة شك في أن قيادة النظام العالمي الجديد، لا يلائم مصالحها أن ينتقل النظام العربي باتجاه حالة وحدوية. ومن ثم سعت هذه القيادة، وما زالت، بشتى الوسائل، إلى تكريس الوضع الراهن في النظام العربي، إن لم يكن زيادة تفكيكه. لم يعد الساعون إلى تحقيق فعالية النظام العربي وتماسكه يتمسكون أو حتى يطالبون بأن تنجز هذه الفاعلية وهذا التماسك تأسيسا على وحدة تتجاوز الواقع القطري. ولكن التحدي الذي يواجه النظام العربي في هذا الصدد بات أخطر من هذا كثيرا، ذلك أن الجدل في القطرية والقومية غيب دون قصد جدلا آخر في مسألة أكثر أهمية وهي هشاشة الدولة القطرية ذاتها. بعبارة أخرى، إن المدافعين عن القطرية فاتهم أن بقاء الدولة القطرية لا يكون فقط بصد محاولات الوحدة العربية التي تتجاوزها، وإنما يتحقق أساسا بالنجاح في العملية التاريخية لبناء الدولة ذاتها، بما يتضمنه ذلك من مؤسسات قادرة على التعامل مع واقعها الاثني والطائفي والاجتماعي بصفة عامة من ناحية، وعلى توفير إطار مستقر للتفاعلات التي تضمن انتقال الدولة من مرحلة اجتماعية -سياسية إلى مرحلة أكثر تقدما من ناحية أخرى. وفي غيبة النجاح في عملية بناء الدولة القطرية برزت أزمتها الخانقة من خلال تفاقم قضايا الأقليات والتحول الديمقراطي على سبيل المثال لا الحصر، ووصلت إلى حد التفاعلات العنيفة في عدد ليس بقليل من البلدان العربية، بما استنزف من موارد هائلة، ووصل إلى حد تهديد بقاء الدولة ذاتها في بعض الحالات وتفكيكها الفعلي في حالات أخرى. وساعد على ذلك كله تدخلات إقليمية وعالمية ظاهرة رأت بحق أن التفكيك يخلق أوضاعا مؤاتية لتحقيق مصالحها، وهي تدخلات تفاقمت في ظل متغيرات دولية باتت تسمح بدرجة أكبر من التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت ذرائع ومسميات كثيرة. ومن ناحية ثانية، فإن المدافعين عن بناء النظام العربي على أساس وحدوي يتجاوز الدولة القطرية فاتهم أن الانتقال إلى الحالة الوحدوية العربية لا يمكن أن يتم قبل نجاح العملية التاريخية لبناء الدولة القطرية على قاعدة مؤسسية سليمة، فكيف تقتنع الأقليات العرقية غير العربية التي تعيش في الوطن العربي بأن مشكلاتها يمكن أن تحل في الإطار العربي الأوسع إذا كانت قد أخفقت في الوصول إلى هذا الحل على المستوى القطري؟ وكيف يمكن أن يتمتع قرار الوحدة بشرعية حقيقية إذا لم يكن مؤسسا على آليات ديمقراطية في الدولة القطرية؟ ويعني ما سبق أن النظام العربي يواجه في الوقت الراهن تحديا خطيرا لم يعد يملك فيه فرصة الجدل في أولوية القومي على القطري أو العكس، وإنما أصبح مطالبا بإمعان النظر في الوسائل الكفيلة بحماية مؤسسة الدولة القطرية العربية المعاصرة من التفكيك أو على الأقل الإضعاف البالغ، الأمر الذي سيؤدي -إن تم -إلى مزيد من التعقيدات في العمل الوحدوي، ناهيك عن تفاقم التدخلات الخارجية.

ISSN: 2072-2273
البحث عن مساعدة: 781790 782144 774322 774036

عناصر مشابهة