ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







يجب تسجيل الدخول أولا

الإنسان الجديد

المصدر: أوراق فلسفية
الناشر: كرسي اليونسكو للفلسفة فرع جامعة الزقازيق
المؤلف الرئيسي: غصين، جاكلين (مؤلف)
المجلد/العدد: ع42
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2015
الصفحات: 299 - 318
رقم MD: 631149
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

85

حفظ في:
المستخلص: إن هدف الإنسان المعاصر هو التبحُر في العلم والعلوم عله يجد حلاً لمشاكله الصحية ولمأزق الفرح أو البحث عن السعادة الدائمة لديه، الذي يترك عنده شعور بالمرارة والقنوط أو بالفراغ. لهذا يبحث في كل شيء، في الأرض والمحيطات وفي السماء والنجوم، ولكن غالبًا ما يغفل البحث عن ذاته داخل ذاته. لأن العلم لا يستطيع توليد الحب، بل إنه بالعكس يساهم في خلق ماكينات مقطورة من أجل الإتيان بالحروب. ذلك لأن الفكر لا يستطيع توليد الجمال والفرح والمحبة لأنه من طبيعة مغايرة لها. فالعصفور لا يستطيع أن يكون نتاج الفكر، لأنه حقيقي وجميل وكذلك الشجرة أو المحبة أو الخزف. الفكر يستطيع تكوين صور مختلفة عن تلك الأشياء والإيحاء بنتائج عينة مكونة من خبرات أو معلومات مسبقة عنها، ولكنه لا يستطيع أن يدخل فيها أو أن يحيط بجوهرها. لأن الفكر ليس حقيقي بطبيعته لذلك هو يوحي لنا بكون مجزأ لأنه بحاجة إلى تجزئة الأشياء للتعرف عليها، تماما كما يفعل العلم. ولكن في التجزئة تفقد الأشياء ماهيتها وتصبح مجرد صورًا تشكل إذا ما وضعناه الواحدة تلو الأخرى، فيلما. تمامًا كما في السينما أن الفيلم عندما نشاهده لا نستطيع للحظات إلا أن نتخيله حيًا. بالرغم من معرفتنا السابقة بأننا لا ننتمي إلى عالمه ولكننا غالبًا ما نتماهى مع أحداثه وكأننا شخصية من شخصيات أو على الأقل نتأثر بها. وهذا الفكر الذي جعلنا نتماها مع أحداث وشخصيات الفيلم السينمائي الذي نشاهد، يجعلنا نتماهى مع الصور التي ترينا من الحياة. بحسب برمجته المسبقة، لكن هيهات بين برمجة فكرنا وبين الواقع. لأن واقع فكرنا هو متناقض، إنه علم محكوم بالصراعات والانقسامات لأن كل فكرة تنادي فكرة أخرى متناقضة أو مكملة لها، بحسب ما يستطيع فكرنا المحدود التقاط صور وتصنيفها وإعطائها دلالات محددة. أما الواقع، فهو ينتمي إلى بعد آخر تمامًا له دينامياته الخاصة التي لا نستطيع تجزئتها لتعلمها لأنها عندما ستفقد جوهرها أو روحها وسبب وجودها تمامًا كما إذا أردنا دراسة الذرة بواسطة الفكر قمنا بتجزئتها إلى وريقات وتيجان وغصن... فهي إذا لم تعد وردة، ولأن دراستنا لتلك الوردة أفقدتها ماهيتها فأصبحت مجموعة أشياء لا تشبه أبدًا الواقع كوحدة قائمة بحد ذاتها. إنها أفكارنا عن الواقع التي تفسد لنا جوهر الواقع وترين صورًا عنه مشوهة تمامًا كتلك الوردة المبعد وباسم العلم. ربما حان الوقت لسماع صوت الحكماء الذين ينبهون من اختراق الإنسان لقوانين الكون والطبيعة أما الواقع فهو أن الإنسان قولون الأرض، لحدث باطن الأرض والمحيط وهو الآن يبحث عن موطن بديل في المريخ!!! وتلك هي ذروة العبثية. لكن ربما لم يفت الآوان بعد، ربما لا تزال أرض تحمل في طياتها بذور تجددها إذ ما خفة موجة التلوث التي تلفها الآن من جراء سوء استعمال الإنسان للطاقة. أما دعوتنا للعود إلى الطبيعة فهي ليست أوتوبيا كدعوة J. J. Rusearo عندما استشعر بالفساد. إنما هي دعوة الحاجة إلى النظام أرضية متجانسة "لأن الإنسان إذا ما انقطع عن الطبيعة أصبح قاتلاً يستطيع أن يقتل الآخرين من الربح، من أجل لقمة العيش أو العلم.... لأن الإنسان يعيش في الانعزال في التوحد في التفكير في المدى القصير ومن هنا يأتي العنف... تتركون الحكام الفاسدون يتحكمون بمصيرهم ويحاولون الهرب من العالم المشوه من المجتمع اللاأخلاقي والكاذب المبني على الإنسان المطلق من أجل التهرب من المسؤولية. يقول.... الحائز على جائزة نوبل للسلام ولكن أمام هذا الحجم من اللامسؤولية لا تعود تكفي المعرفة، بل يجب العودة إلى الشعور الإنساني الأصلي إلى الانتماء إلى الطبيعة إلى البشرية بل إلى الكونية. أي شعور الإنسان بأنه واحد مع الطبيعة والكون. ويدرك الفكر بأنه هو واحد مع الأشياء الخارجية وبات المفكر الواقع ويحصل التغيير بشكل طبيعي وعفوي ومن دون جهد جبار كما يتخلل البعض. لأن المراقب الواعي المتجرد من هاجس الموت ومن اندثار الإنسان في ظل انتمائه إلى الأنا الكونية التي تكلف جميع المخلوقات. يستطيع أن يدرك بوعيه وليس بفكرة المجرأ ماهية الوجود. وعندها يصبح مشاهدًا ديناميكيًا فاعلاً فهو يغذي الوجود بعلمه وعقله ويتغذى منه في الوقت ذاته. تلك الحركة الثنائية البعد هي لولبية الركة لأن الزمن لا يعود إلى الدراء بل يدرك حركة الحياة التي هي على الأرجح أيضًا لولبية تمامًا كشكل الـ D.N.A البشري خزانة علم الإنسان الفرد وهو في الوقت ذاته حافظ الذاكرة البشرية في طيات خلاياه. في هذه الرؤيا للإنسان تنصهر فكرة القدرية والخيرية والعدد الأبدي مع فكرة الكونية والوجودية الآتية. ويصبح الفكر الخلاق العالم هو ذاته الوعي المدرك العاقل ذاته والوجود في آن معًا. إن في تلك النظرة إلى الوجود المتعددة الأبعاد عدة وجوه إذ تصبح شبكة من العلاقات المنسوجة في دمه متناهية. محدد للعبدية كما القدرية كما للصدمة مكان داخلها ودور محدد حين كل شيء يصبح ممكنًا. أما دور الإنسان الجديد هو دور المشاهد الإيجابي المساهم في دفع حركة الزمن نحو كل ما يراه متناسا مع حركة دولاب الحياة والمعرفة. وهذا ربما ما سيعيده إلى إنسانيته التي أضاعها في خفايا التحدث الزائف والخوف من الوحدة أو الموت.

عناصر مشابهة