المستخلص: |
إن السبيل إلى إتقان العربية عند ابن هشام الأنصاري (ت761هـ) لم يكن في الإحاطة بقوانين هذه الصناعة، وإنما باستنطاق النصوص من القرآن الكريم والحديث الشريف، وكلام العرب ليصبح النحو عنده هو نحو النص، وليس نحو القاعدة، تتآلف فيه الآلة والغاية لممارسة تحفظ بها الملكة اللغوية القادرة على فك ما يشكل ويستغلق على ذوي الاختصاص. إن السبيل إلى إتقان العربية لا يكمن في الإحاطة بعلومها وتتبع قوانين صناعتها، فهذا مما يحصل دون أثر أو إبداع، وإنما يتحقق الإتقان إذا حسن التعبير، وأبلغ المراد، وأحكم السبك وانسجمت الصياغة تلقياً وتأثيراً. والاقتدار على مثل هذا الأمر يكون باكتساب الملكة اللغوية التي هي أساس التحكم في اللغة والتصرف فيها، هذه الملكة التي كانت غاية علماء اللغة، الذين سعوا للحصول عليها عند الناطقين الفصحاء في البادية، والحضر. وهي نفسها مقصد الدرس النحوي واللغوي، بها تستقيم الألسن، وتدرك الأفكار والمعاني، والتصرف فيها هو استعداد للإنتاج والاستجابة لكل الظروف والأحوال.
|