ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







يجب تسجيل الدخول أولا

العقل عند إبن رشد : إشكالية التأويل العقلي و التسليم الإيماني

المصدر: مجلة الرافد
الناشر: حكومة الشارقة - دائرة الثقافة والإعلام
المؤلف الرئيسي: البواب، مصطفى أحمد عبدالقادر (مؤلف)
المجلد/العدد: ع206
محكمة: لا
الدولة: الإمارات
التاريخ الميلادي: 2014
التاريخ الهجري: 1435
الشهر: أكتوبر / ذو الحجة
الصفحات: 14 - 20
رقم MD: 757372
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: ابن رشد يؤكد على آن الفلسفة مقصورة على العلماء والشريعة مقصدها ما ينفع الجمهور من الناحية الروحية والإيمانية، وأن الفلسفة تهدف إلى استجلاء الحق عن طريق البرهان العقلي المنطقي، وهي بهذا تتخذ من الوضوح صورة لتعبيراتها الاستدلالية، بينما الشريعة لها حدان ظاهر وباطن، ويقتصر العامة على الأخذ بالشريعة حتى ولو توهموا من الاستواء على العرش معنى تجسيميا فلابد من قبول ذلك منهم، لأن مرتبتهم العقلية قاصرة على فهم ما عدا ذلك، ذلك أن الإدراك بمعناه التجسيمي له مهمة إيمانية تتسق مع درجتهم العقلية الدنيا، إذ تحملهم على الإيمان والتقوى التي تؤدي بهم إلى فعل الخير والابتعاد عن الشر وهو مقصد الشريعة وهدفه. إن فهم العلماء لا ينفي قبولهم للظاهر إذا تطلب الظاهر التأويل، لأن التأويل ينصب على الظاهر الذي قد يبدو متناقضاً مع منطق العقل، وتبعاً لما تقدم فإن المعاني المؤولة لا يصح أن تخرج عن حدود دائرة العلماء ليعلم بها العامة، اللهم إلا على قدر احتمال عقولهم لشيء من هذه المعاني وينتج عن هذا أن مهمة العلماء هي الجمع بين الفلسفة والشريعة، أي أن يصنعوا من الشريعة ما يتفق مع الفلسفة ويتأولوا من الشريعة ما قد يبدو أنه مختلف مع الفلسفة أو غير موافق لها، حتى يكون كل شيء منسجما في النهاية مع العقل أو مع الفلسفة. يؤكد ابن رشد أن العامة تقنع بالظاهر والفلاسفة يبحرون إلى الباطن عبر التأويل، ولهذا انقسمت الشريعة إلى ظاهر وباطن، ومحكم ومتشابه، وما الأمثال الظاهرة التي يضربها القرآن الكريم إلا أمثلة للعامة الذين لا يدركون الأشياء كما هي في ذاتها أو من حيث ماهيتها الخاصة، بل يتخيلونها عن طريق صورها أو مثيلاتها، ومن ثم كان الظاهر هو الأمثال أما الباطن فهو المعاش الباطنة المحايثة للأمثال والأقوال في حدها الظاهري. وبهذا المعنى تصبح المعاني الباطنة لظاهر الآيات لا تخرج إلى العيان ولا تنجلي إلا عن طريق أهل البرهان إن إحياء فلسفة ابن رشد بمنهجها العقلي هو إحياء للعقل التنويري النهضوي للأمة. وعليه فظاهر الشرع الذي يخالف برهان العقل لابد من تأويله، ولهذا كان التأويل هو حلقة الوصل بين العقل والنقل أو الفلسفة والدين، وهو المنهج الذي به تظهر معقولية النص الديني، ذلك أن التأويل هو طريق العقل إلى النص وهو الأداة التي تستنبط بها الأدلة العقلية في النص حسب قدرتها. ولما كان العقل عند ابن رشد هو منهج الحقيقة، فإن هذا العقل ليس مقيداً بأية صورة مذهبية أو دينية، فهو عقل متفتح يتعدى حدود العوائق التي توضع بين الحضارات والجماعات والثقافات، لأن العقل وهو أعدل الأشياء قسمة بين الناس لا يقنع إلا باستدلالاته وبراهينه، والقول الفصل يقع على العقل البرهاني الذي لا ينافي الإيمان، لأنه يبدأ بمسلمات هذا الإيمان، مما يدل على أنه لا يوجد تعارض جوهري أو جذري بين العقل والايمان أو بين الفلسفة والدين على العقل، ومؤدى هذا الحل هو آن نهضة الأمة لن تتحقق إلا بالرجوع إلى عنصرين: الأول هو الأصل الحي الدائم أعني الوحي الإلهي ممثلا في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، خاليا من التأويلات الفاسدة للمتكلمين وغيرهم، والثاني الاتصال بالأمم الأخرى وبحضاراتها، انطلاقاً من منهج العقل البرهاني ومبادئه، لأن الاتصال بالغير يوسع دائرة العقل فيعيد بناء نفسه من الناحية النظرية كلما تكشفت له حقائق جديدة من أي مصدر كان، ذلك أن الحقيقة ليست مقصورة على أمة من الأمم. فالعلم هو الحل لكل مشاكل الأمة العربية، ولن يقوم العلم إلا بإعمال العقل، لأن الفكرة التي تصنع الابتكار والتقدم هي نتاج العقل.

عناصر مشابهة