المصدر: | مجلة الكلمة |
---|---|
الناشر: | منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث |
المؤلف الرئيسي: | عطار، أحمد (مؤلف) |
المجلد/العدد: | س17, ع69 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
لبنان |
التاريخ الميلادي: |
2010
|
التاريخ الهجري: | 1431 |
الشهر: | خريف |
الصفحات: | 86 - 95 |
رقم MD: | 760133 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | IslamicInfo |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
أن المهمة الأخيرة للفلسفة ستكون مهمة نقدية، ولا يوجد مكان تقوم عليه إلا بالعودة إلى جوهرها الأصيل، فلطالما كانت الفلسفة لحظة نقدية للواقع المعطى، فنقد ما هو كائن يؤسس البعد الأكثر عمقاً للسؤال الفلسفي كونه يدخل في حوار ومساءلة مع الوجود كما هو معروض أمامنا، فالسلب يبقى الطور الأساسي لكل تمايز بين التفكير العادي والتفكير الفلسفي حيث يعتبر المحرك لكل تأمل خلاق، ولا يمكن حصرها في مجال ضيق من الدراسات اللغوية الميتة، بل عليها الاستفادة من تطورات العلوم الإنسانية والانخراط في الوجود المتعين لتعرية مواطن الاستلاب الحاصل فيه، وتكشف عنف السلطة واستراتيجيات الهيمنة والسيطرة، فهي تضيء الوجود الإنساني، لقد كان الفكر دائماً في تطلع إلى ما يجب أن يكون داحضاً ما هو كائن وكان النقد جذوة التفكير التي لا تنطفئ. لم ترث الفلسفة المعاصرة إلا ميراث كانط النقدي وتقف أمام ثلاث أساتذة أسسوا للحظة النقدية للفكر المعاصر هم: نيتشه -ماركس -وفرويد، ولعل العامل المشترك بين هؤلاء هو البعد النقدي لفلسفتهم، فقد نيتشه للعقلانية الغربية كونها ليست المصير المحتوم للغرب وإنما اختيار أفلاطوني فهي لا تنم عن الحلم اليوناني، كما حلم نيتشه بميلاد ((الإنسان المتفوق)) المتحرر، عبر الحكيم المشرقي ((زرادشت)) الذي يهزأ من هذا الصنم المسمى العقل، يهزأ من الغرب من مسيحيته وعقلانيته، أما نقد ماركس وفرويد فسوف نفصل القول في نقديتهم فيما بعد، وستتواصل المسيرة النقدية كذلك مع ماركيوز عندما يحمل عبء نقد الديمقراطية المزيفة، والمجتمع الاستهلاكي ونقد المركزية الغربية، إن الخيط الخفي لفلسفته هو التأكيد على فرضية عميقة هي أن العقل يصطدم في مسيرته مع شساعة مملكة الأعقل، إن الأنطولوجيا الغربية منذ أفلاطون مروراً بديكارت (René Descartes) وهيجل لم تبرر إلا وجود العقلانية الغربية، حين انتهى المشروع الأنواري (Aufklarüng) بحربين عالمتين مدمرتين أثبتت محدودية العقل. إذا لم يبق الفلسفة إلا أن تفتح على العلوم الأخرى إذ لا وجود للحدود بين الفلسفة والعلوم الإنسانية الأخرى، وعليها الانخراط في الوجود المتعين بالتأكيد عل أن ما هو قائم ليس هو الحقيقة، بل اللحظة التي على الفلسفة أن تنشدها هي التطلع إلى ما يجب أن يكون (الأفضل)، وفتح الوجود الإنساني على كل إمكانياته، أي لا سلطة تعلو سلطة النقد لينتهي العقل الأداتي إلى عقل منفتح على الحساسية والخيال والاختلاف وتعدد الأبعاد، بالتواصل داخل الذات نفسها وبين الذات والآخر. ومن خلال هذا الفعل النقدي للفلسفة والعلم برز ماركيوز كناقد للفكر المعاصر، في علاقته بالمجتمع الحداثي مستنداً على فلسفة النفي الهيجلية التي وجد فيها ماركيوز المرجعية الأساسية في نقد أسس ومبادئ الفكر المعاصر، فهيجل يرى ((أن الوجود المباشر للعقل ألا وهو الوعي ينطوي على لحظتين، المعرفة الموضوعية، القائمة في مواجهتها كضد سالب))، واستناداً على هذا التصور الهيجلي أراد ماركيوز نقد وتفكيك المجتمع الصناعي المعاصر باعتباره مجتمع السيطرة الكلية، فزيادة على قدرته في إجهاض محاولة الاعتراض عليه، يملك القدرة كذلك على توظيف جميع طاقات الإنسان المعاصر الجسدية والروحية لغاياته المادية، فهذا المجتمع يمارس عنفا من نوع خاص، إذا ما عرفنا العنف ((بأنه لا شيء أكثر من التجلي الأكثر بروزا للسلطة)) ، فبدلا من أن تكون التكنولوجيا قوة تحريرية في خدمة الإنسان المعاصر أمست عقبة في وجه التحرر ، بتحويل الإنسان المعاصر إلى أداة، وعقله إلى عقل أداتي. |
---|