ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







المُعاھدات الدولية المُلزمة للدول غير الأطراف

العنوان بلغة أخرى: International Treaties Binding Other States
المؤلف الرئيسي: شعيب، بسمة يونس محمد (مؤلف)
مؤلفين آخرين: سرير، جمعة سعيد (مشرف)
التاريخ الميلادي: 2010
موقع: بنغازي
الصفحات: 1 - 208
رقم MD: 832589
نوع المحتوى: رسائل جامعية
اللغة: العربية
الدرجة العلمية: رسالة ماجستير
الجامعة: جامعة قاريونس
الكلية: كلية القانون
الدولة: ليبيا
قواعد المعلومات: Dissertations
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

254

حفظ في:
المستخلص: نتيجة لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وقاعدة الرضائية في القانون الدولي ، وبسبب تأثر الفقه التقليدي في القانون الدولي بالأفكار الإرادية المستمدة من قواعد القانون الروماني والقانون الخاص للعقود ، تلك الأفكار التي تؤسس القانون الدولي على إرادة الدول ، والتي تؤمن بمبادئ السيادة المطلقة للدولة وبالسلطان العلوي لإرادتها ، وبعدم جواز خضوعها – سواء في الداخل أو الخارج – لأي شيئ لا يكون نابعاً من محض اختيارها وإرادتها الحرة . اعتنق الفقه الدولي التقليدي قاعدة " الأثر النسبي للمعاهدات الدولية " والتي تقضي بأن المعاهدة لا ترتب أثراً خارج الدول الأطراف فيها . فالمعاهدة قانون أطرافها، ومن ثم تقتصر آثارها على هذه الأطراف ولا تمتد إلى غيرهم بأي حال من الأحوال ، فلا يجوز أن ترتب حقاً لدولة لم تشارك في إبرامها ، ولا أن تحملها بأي التزام . وقد بالغ بعض الفقهاء في القول بأن قاعدة اقتصار المعاهدة على أطرافها تعد قاعدة صحيحة بصورة مطلقة ، وأنه لا يمكن قبول وضع أي استثناءات عليها في أي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف ، بل يرى هؤلاء أن القيود والاستثناءات التي قال بها بعض الفقهاء ليست في حقيقتها سوى مجرد مزاعم وادعاءات لا تنال من سلامة هذه القاعدة وقيمتها المطلقة. إلا أن الرأي الراجح والغالب بين الفقهاء يذهب إلى القول بأن قاعدة اقتصار القوة الملزمة للمعاهدة على أطرافها لا يمكن أن تكون قاعدة مقدسة أو مطلقة ، وإنما يجب وضع قيود وحدود على هذه القاعدة التي يجب أن توضع في مكانها الصحيح بغير شطط أو غلو ، كما أن التطورات التي حدثت في المجتمع الدولي والعلاقات الدولية تستلزم حصر هذه القاعدة في أضيق نطاق ، إن لم يكن تغييرها وتعديلها جذرياً حتى تتلاءم مع هذه التطورات . وهكذا فقد بدأت القيود توضع والانتقادات توجه إلى قاعدة الأثر النسبي باعتبارها كانت تتلاءم مع مبدأ سلطان الإرادة والسيادة المطلقة التي كانت سائدة في الماضي ومع أنواع محددة من المعاهدات هي أقرب إلى عقود القانون الخاص منها إلى قواعد القانون الدولي .

والحقيقة أن امتداد القوة الملزمة للمعاهدات إلى الدول غير الأطراف فيها إنما يكون بأشكال وعلى درجات مختلفة بحسب نوع المعاهدة ومقاصد أطرافها وقدراتهم وبعض الشروط الأخرى اللازم توافرها في المعاهدة والأطراف والغير ، وهي تبدأ عامة بالتزام الدول غير الأطراف باحترام المراكز التي أنشأتها المعاهدة والاعتراف بها ، خاصة بالنسبة للمراكز الموضوعية المتولدة عن المعاهدة ، كما قد تمتد القوة الملزمة للمعاهدة الدولية إلى الدول غير الأطراف بصورة غير مباشرة كأن تستفيد دولة غير طرف أو تضار بطريقة غير مباشرة من إبرام المعاهدة ، وبدون قصد من أطرافها أو من الدول الغير نفسها . وبناءً على ذلك نادى الفقه الحديث بنظرية عامة في التفرقة بين المعاهدات العقدية والمعاهدات الشارعة مقرراً أن المعاهدات العقدية تُشبِه عقود القانون الخاص ؛ لأنها تهدف إلى تحقيق مصالح خاصة وتتضمن أداءات متقابلة ، ولذلك تقتصر آثارها على أطرافها ولا تمتد إلى الغير . أما المعاهدات الشارعة فإنها تُشبِه القوانين ؛ لأنها تتضمن وضع قواعد عامة تهدف إلى تحقيق مصالح عامة ، ولذلك فإنها تسري على رعايا القانون كافة ولا تقتصر آثارها على واضعيها. وفي الواقع العملي فإننا نجد حالات كثيرة وأنواعاً مختلفة من المعاهدات تمتد قوتها الملزمة إلى الدول غير الأطراف فيها ، وتتصدرها تلك المعاهدات ذات القدسية الخاصة بالنسبة للمجتمع الدولي كله أو ما يمكن تسميتها بالمعاهدات الدستورية كميثاق الأمم المتحدة ، بالإضافة إلى الاتفاقيات المتعلقة بقواعد الحرب كاتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و 1907 واتفاقيات جنيف لعام 1949 ، والاتفاقيات المتعلقة بالمبعوثين الدبلوماسيين وخاصة اتفاقية فيينا لعام 1815 وإكس لاشايل لعام 1818 واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1969 ، والمعاهدات المتعلقة بالتوارث الدولي وحالات ضم الأقاليم والوحدة والتقسيم وحالات التنازل والانفصال والتحرر والانحلال والاتحادات الدولية التي عالجتها اتفاقية فيينا لخلافة الدول في المعاهدات لعام 1978. وغير ذلك من الحالات والمعاهدات التي لا تقتصر قوتها الملزمة على أطرافها فقط وإنما تمتد لتشمل الدول غير الأطراف فيها والتي لا يتسع المجال لذكرها كالاتفاقيات المتعلقة بالمواصلات الدولية مثل المعاهدات التي تنص على حرية الملاحة والمرور في الأنهار والقنوات والمضايق وطرق المياه الدولية للدول غير الأطراف فيها أو لكل الدول . ورغم تسليم معظم الفقهاء بامتداد القوة الملزمة للمعاهدات الدولية الى الدول غير الأطراف فإنهم قد اختلفوا في أساس هذا الامتداد ، فقال البعض إن هذا الأساس يكمن في مقاصد أطراف المعاهدة . فيجب لأجل أن تمتد القوة الملزمة للمعاهدة إلى غير أطرافها أن يضع أطراف المعاهدة نصوصاً يقصد بها ترتيب منافع أو فرض التزامات على الدول غير الأطراف.

وقال البعض الآخر إن الأساس في الإلزام إنما يرجع إلى رضا الدول الغير؛ فموافقة هذه الدول ـ الصريحة أو الضمنية ـ تعتبر مسألة ضرورية ولازمة لأجل تمتعها بالحق المقرر لها أو تقيدها بالالتزام الذي فرضته المعاهدة عليها. ونادى بعض الفقهاء بنظرية العرف قولاً منهم بأن أساس امتداد القوة الملزمة للمعاهدة إلى غير أطرافها إنما يرجع إلى احتوائها على قواعد عرفية اعتادت الدول السير عليها وتقبَّلتها. وعزا البعض الآخر أساس الإلزام إلى اشتراك الدول الكبرى في تلك المعاهدات مما يُضفي عليها قوة وتأثيراً يتجاوز دائرة أطرافها ويمتد إلى الدول غير الأطراف ، وقالوا إن القانون الدولي يُستعمل كأداة للتعبير عن إرادة الطبقات المسيطِرة من الدول وإنه يعكس إرادة الدول الكبرى . في حين ذهب آخرون إلى القول بأن الأمر يرجع إلى طبيعة المعاهدة نفسها ، ذلك لأن هناك أنواعاً معينة من المعاهدات يكون لها بحسب طبيعتها قوة ملزمة تمتد إلى خارج الدول الأطراف، ولكن اختلف هؤلاء في تصنيف طوائف المعاهدات التي تتمتع بهذه الصفة . وأرجع البعض الآخر أساس الإلزام إلى نظرية المصلحة العامة قولاً منهم بأن المعاهدات التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع الدولي في جملته أو لقطاع أو مجموعة كبيرة من الدول تمتد قوتها الملزمة إلى غير أطرافها ، بل وإلى الدول كلها في بعض الأحيان . وبعيداً عن كل هذه الخلافات الفقهية فإنه قد أصبح من المسلَّم به الآن لدى الغالبية العظمى من الفقهاء أن القوة الملزمة للمعاهدات الدولية لم تعد تقتصر ـ في كثير من الأحيان ـ على الدول الأطراف فيها ، وإنما أصبحت تمتد ـ بدرجات متفاوتة ووفقاً لأحوال وشروط معينة ـ إلى دول أخرى لم تشارك في إبرامها ، بل أحياناً

عناصر مشابهة