المستخلص: |
كانت نشأة الفن واستمراريته دائما تتمثل في كونه حقيقة منسجمة مع بقية حقائق الحياة الإنسانية، يمثل حلقة في سلسلة منظومة الحياة ... ففي هذه الأيام تستحوذ التكنولوجيا على مساحات متزايدة من خيال الكثير من الفنانين المعاصرين، لما تتيحه معطياتها من آفاق جديدة للإبداع الفني بفضل التنوع الكبير في المواد المستخدمة وطرق الأداء، وتماشيا مع مفهوم الحداثة المتمثل في الإيمان بالقدرة الإنسانية على التطور والإنجاز. اتبعت الفنون أساليب كثيرة جديدة ومختلفة في التطور، بني معظمها على نمط الحياة المعاصرة، حيث مهد للتطور السريع في المجالات العلمية والتكنولوجيا الحديثة، الأمر الذي أدى إلى تغيرات في معايير القيم الجمالية للعمل الفني، فتشابكت أطرافه مع الثورة العلمية، وأصبح الفنانون المعاصرون الذين يطمحون إلى حركة تقدمية للأمام، يستلهمون من النظريات الفكرية بمبادئها العلمية والفلسفية المختلفة، الأمر الذي دفع بالحركات الفنية للسير في خط أقرب إلى التوازي مع تلك القفزات العلمية الهائلة، فلابد وأن يصير الفن ملازما للعلم، ومصاحبا له في ركب التقدم باستحداث الخامات والموضوعات التي يتناولها، وكذلك التقنيات المختلفة للارتقاء بالوعي الجمالي والوصول إلى الهدف المنشود، ومن ثم الانعكاس الإيجابي لتلك الفنون، وبخاصة فنون الجرافيك على المجتمع. تعددت أساليب فنون الجرافيك وتطورت تقنياتها وأصبحت في مضمار الفنون الأكثر حضورا في المجتمعات المعاصرة، فانضم إليها العديد من الفنانين بما يمتلكون من إمكاناتهم التقنية التي تمكنهم من التعامل مع متطلباته وتطلعاته، كما أنها فنون دخلت في عمق الحياة وتشعباتها، حيث تحاول البشرية الانتقال من خلالها إلى آفاق أبعد باستخدام المعطيات التكنولوجية الحديثة والتي تتمثل في الكمبيوتر الذي يعد امتدادا لفكر الإنسان، وجاءت الخلفية الفكرية التي تمثل العصر وتطالب الناس والفنانين على وجه الخصوص أن يكونوا مبدعين معاصرين، لإنتاج وابتكار أشكال تتكيف مع البيئة الجديدة التي أصبح الفن من خلالها نمطا من أنماط السلوك الإنساني، تتغير أشكاله بتغير العصور.
|