المستخلص: |
تناول البحث مشكلة تنازع القوانين باعتبارها من أبرز المشاكل الناشئة عن العلاقات ذات العنصر الأجنبي، وحلها عن طريق ضوابط الإسناد، في الفقه القانوني تطبيقا على قانون المعاملات المدنية (السوداني) لسنة 1984م، ومقارنة ذلك بقوانين الشريعة الإسلامية، وذلك في أربع فصول وتسعة مباحث. هذا البحث له أهمية علمية تكمن في أنه لم تتم دراسته في بحوث مستقلة على الرغم من أهميته الكبيرة، مما آثار رغبة لدي للبحث فيه، ولذلك ومن وجهة نظري يعد هذا البحث جديدا ومساهما في الحقل العلمي، وأيضا له أهمية عملية حيث يلفت إنتباه ونظر التشريعيين والقانونين إلى مراجعة القواعد والنصوص المتعلقة بالقانون الدولي الخاص على وجه العموم، ومسائل تنازع القوانين وضوابط الإسناد بصفة خاصة للتحقق من تغطيتها لكل مسائل تنازع القوانين، ومرونة هذه النصوص بحيث يمكنها مواكبة تطور العلاقات الدولية الخاصة وتوافقها مع الشريعة الإسلامية باعتبار أن الشريعة الإسلامية بخصائصها وسماتها تملك الحلول الشاملة والعادلة لكل خصومة ونزاع. هدف البحث إلى التعريف بالقانون الدولي الخاص، وبيان أهميته، وبيان مفهوم تنازع القوانين، وطرق حله، والتعريف بضوابط الإسناد وأهميتها في مجال تنازع القوانين، وتوضيح كيفية تناول الشارع السوداني لضوابط الإسناد في قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م، والتحقق من كفاية ضوابط الإسناد التي نص عليها الشارع السوداني في تغطية كل المسائل الموجودة على ساحة العلاقات الدولية الخاصة، ومرونة تلك النصوص بحيث تواكب ما يستجد من مسائل في إطار تطور واتساع العلاقات الدولية الخاصة، والتحقق من موافقة قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م للشريعة الإسلامية فيما يتعلق بتنازع القوانين وطرق حله، وإيجاد حل لمشكلة البحث.
تكونت مشكلة هذا البحث من ثلاثة محاور، ملخصها أن المشرع السوداني تناول ضوابط الإسناد في نصوص المواد (10-16) من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م لحل مشكلة تنازع القوانين، وبإمعان النظر في هذه المواد بدأ لي أن ضوابط الإسناد المنصوص عليها قد تكون غير كافية لحل كل الإشكالات التي قد تقع في إطار تنازع القوانين، كما أن هذه النصوص في تقديري ربما تتسم بالجمود وعدم المواكبة للتطور التشريعي الذي حدث في منظومة القوانين السودانية، والحاجة العملية التي يتطلبها العصر، إذ لم تتم مراجعة أو تعديل النصوص المتعلقة بتنازع القوانين منذ عام 1984م وحتى الآن، كما أنني لاحظت أن هنالك احتمالا بأن بعض هذه النصوص القانونية قد لا تتفق مع الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بتنازع القوانين وحلها عن طريق ضوابط الإسناد، على الرغم من أن المصدر التاريخي لقانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م هو الشريعة الإسلامية. هذا البحث طرح عدة فروض من أجل حل مشكلة البحث حيث هنالك افتراض أن ضوابط الإسناد المنصوص عليها في قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م، غير كافية لمعالجة كل المسائل المتعلقة بتنازع القوانين، كما يحتمل أن تلك الضوابط تتسم بالجمود، مما يجعلها غير مواكبة للتطور التشريعي الذي طرأ على منظومة القوانين السودانية، وأيضا غير مواكبة للمتغيرات في إطار العلاقات الدولية الخاصة، وأن بعض نصوص هذا القانون فيما يتعلق بتنازع القوانين وحلها عن طريق ضوابط الإسناد مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية. تتبعت الباحثة المناهج المناسبة لبحثها وهي: (الوصفي -التحليلي -الاستنباطي -المقارن). ختم هذا البحث بخاتمة تضمنت النتائج، ومن أهمها أن النصوص التي تعالج مشكلة تنازع القوانين في القانون السوداني، جاءت مبعثرة في عدة قوانين، هي قانون المعاملات المدنية لعام 1984م، وقانون الإجراءات المدنية لعام 1983م (تعديل)، لسنة 2009م، وقانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983م وأيضا ضوابط الإسناد الواردة في قانون المعاملات المدنية )السوداني) لسنة 1984م، جاءت محدودة جدا ولم تغط أغلب مسائل حالات تنازع القوانين، وهذا الوضع لا يتناسب مع اتساع وتطور العلاقات الدولية الخاصة وأيضا هذه الضوابط لم يتم تعديلها أو مراجعتها منذ العام 1984م، وأيضا قانون المعاملات المدنية السوداني لم يتفق مع الشريعة الإسلامية بصورة واضحة ومباشرة، فيما يتعلق بحل تنازع القوانين بضوابط الإسناد، كما أن هنالك اختلاف واضح في طرق حل مشكلة تنازع القوانين في القوانين الوضعية، بما فيها قانون المعاملات المدنية (السوداني) لسنة 1984م، والشريعة الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بالطريقة التقليدية وهي قاعدة الإسناد. وقد تلت تلك النتائج بعض التوصيات، من أهمها التوصية بالاهتمام بمسألة استنباط الأحكام الشرعية لما يستجد من أحوال، وخاصة أحوال تنازع القوانين، وذلك عن طريق الاهتمام بالفقهاء وتشجيعهم وإشراكهم في العملية التشريعية، ثم صياغة تلك الأحكام صياغة قانونية واضحة محكمة، حتى يسهل على القضاة تطبيقها مباشرة، مما يؤدي إلى سرعة البت في النزاعات وأيضا مراجعة النصوص التي تتعلق بتنازع القوانين في قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م للتأكد من مواكبتها للتطور الذي يطرأ على العلاقات الدولية الخاصة.
|