المصدر: | المؤتمر الدولي السنوي الثالث لقطاع الدراسات العليا والبحوث : البحوث التكاملية .... طريق التنمية |
---|---|
الناشر: | جامعة عين شمس - كلية البنات للآداب والعلوم والتربية |
المؤلف الرئيسي: | عبدالحافظ، عماد حمدي (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج1 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
مصر |
التاريخ الميلادي: |
2019
|
مكان انعقاد المؤتمر: | أسوان |
رقم المؤتمر: | 3 |
الهيئة المسؤولة: | جامعة عين شمس - كلية البنات للآداب والعلوم والتربية |
الشهر: | فبراير |
الصفحات: | 238 - 266 |
رقم MD: | 1041131 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | EduSearch |
مواضيع: | |
كلمات المؤلف المفتاحية: |
التخطيط العمراني | الزيادة السكانية | المدن الجديدة | الحياة الاجتماعية | العلاقات المكانية | الخصائص الاجتماعية الثقافية
|
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
لقد تمكن أسلافنا الأوائل منذ آلاف السنين من ترويض نهر النيل وتحويله من مستنقع مائي إلى مستقر بشرى، وأقاموا على ضفتيه هذه الحضارة المصرية العظيمة، واستقر الإنسان المصري القديم على نمط من الحياة الزراعية المعتمدة على مياه النيل، كما استقر في وجدانه مجموعة من القيم والمعتقدات التي تتسق مع طبيعة هذه الحياة. ولكن يبدو أن الجيل الحالي يشهد نهاية هذه الدورة الحضارية العظيمة، وعليه أن يبدأ دورة حضارية جديدة تقوم على ترويض الصحراء كما بدأ أسلافه حضارتهم بترويض النهر، وذلك لأن التعمير خارج الوادي والدلتا يتطلب أنساقا جديدة من الحياة، بل وإنسان جديد يختلف عن الإنسان الذي عاش على ضفاف النيل منذ الاستقرار الأول وحتى الآن، فالمشكلة في تعمير الصحراء لا تكمن في توطين المشروعات، بل تكمن أساسا في توطين الإنسان المصري في بيئة جديدة عليه وتأهيله للعيش فيها. وفى هذا السياق يجب فهم الخصوصية المكانية والسكانية لمصر، أما خصوصية المكان فتتمثل في انقسامه إلى حيزين متباينين، أولهما زراعي خصب ضيق يتسم بندرة الأرض ووفرة المياه ويمثل حوالي 8% من مساحة مصر ويسكنه 95% من سكانها، وثانيهما رحب صحراوي مساحته حوالي 92% من مساحة مصر ويسكنه 5% من سكانها. وأما خصوصية السكان فتتمثل في أن المصريين عاشوا طوال تاريخهم وحتى بداية القرن التاسع عشر في توازن مع الحيز المكاني، فكانت مساحة الأراضي الزراعية تكفي احتياجات السكان من الغذاء، وينمو كل من السكان والمكان بمعدلات متوازنة، إلا أن هذا التوازن التاريخي بين الإنسان والمكان بدأ يختل تدريجيا، فأصبح الحيز الحيوي يتناقص بمعدل سريع ويضيق عن استيعاب الزيادة السكانية الضخمة وتوفير احتياجاتها، ولذلك فلم يعد أمام المصريين في هذا المأزق إلا الخروج إلى آفاق جديدة خارج الوادي والدلتا لاستيعاب الزيادة السكانية وتوفير ما يلزمها من الغذاء وفرص العمل والخدمات. وفكرة إنشاء المدن الجديدة ليست فكرة جديدة على المجتمع البشرى، فلقد ظهرت المدن الجديدة منذ عصر الفراعنة، فأنشأ الملك نارمر مدينة منف سنة 3400 ق. م لتكون عاصمة جديدة لمصر، وأنشأ الملك أخناتون مدينة أخيتاتون سنة 1365 ق. م لتكون العاصمة ومقر عقيدة التوحيد، وكذلك أنشأ الإغريق المدن الجديدة لتنشيط التجارة، وأنشأ الرومان المدن الجديدة لتوسيع نطاق إمبراطوريتهم. وفى العصر الحديث ظهرت أولى تجارب إنشاء المدن الجديدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية في كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، وذلك لإعادة بناء ما دمرته الحرب من ناحية، وامتصاص الفائض السكاني وخفض الكثافات السكانية للمراكز الحضرية الكبرى من ناحية أخرى، ثم انتشرت المدن الجديدة في مختلف أنحاء العالم ابتداء من الربع الأخير من القرن العشرين، وهو ما أطلق عليه (عصر الانفجار الحضري). وفى مصر بدأ قيام المجتمعات الصحراوية في العصر الحديث كنتيجة لحفر قناة السويس سنة 1896م، حيث تم إنشاء مدن القناة الثلاث (بورسعيد والإسماعيلية والسويس)، ومع بداية القرن العشرين أنشئت ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة وضاحية المعادي على الضفة الشرقية للنيل، وبعد قيام ثورة 1952م اهتمت الدولة بالانتشار في الصحراء من خلال مشروعات استصلاح الأراضي ومنها مديرية التحرير والوادي الجديد، وتعد مدينة الخارجة مثالا للمجتمعات الجديدة التي أنشئت في هذه الفترة. ثم شهدت فترة السبعينات من القرن الماضي تحولا في الفكر التنموي للدولة نحو التوسع في إنشاء المستقرات العمرانية الجديدة بالهوامش الصحراوية لوادي النيل والدلتا، متأثرا بما وصلت إليه أوضاع العمران في مصر خلال تلك الفترة من تدهور وعشوائية، ومرتكزا على عدة اعتبارات أهمها: إعادة رسم خريطة مصر السكانية والعمرانية من خلال إعادة توزيع السكان والعمران على أكبر مساحة ممكنة من صحاري وسواحل الحيز الجغرافي للجمهورية لتخفيف الضغط على المراكز العمرانية القائمة، وحماية الأراضي الزراعية بالوادي والدلتا من الزحف العشوائي عليها، واستثمار الإمكانات الكامنة في الصحاري والسواحل المصرية لجذب السكان إليها، وخلق بيئة حضرية جديدة أكثر تنظيما وجاذبية تمتص فائض التكدس السكاني للمدن القائمة، وإنشاء المدن الجديدة في إطار تخطيط قومي شامل، وتهيئة المناخ الملائم لاجتذاب رؤوس الأموال إلى مناطق التعمير الجديدة. ولقد أثبتت تجارب إنشاء المدن الجديدة على المستوى العالمي والقومي، وكذلك المؤشرات العالمية الحديثة لتخطيط المدينة أن القواعد الهندسية بمفردها غير كافية لبناء المدن واستدامتها، وأن تخطيط الطرق وتوزيع البلوكات والأماكن المفتوحة والعامة وتأمين الخدمات وغيرها من عناصر تخطيط المدينة لن تكون ذات جدوى إلا إن كانت تحقق الاحتياجات النفسية والاجتماعية والثقافية للسكان، وأن الأبعاد الإنسانية للتخطيط العمراني لن تصبح في المستقبل وسيلة لتجميل المخطط العمراني كما هي الآن، بل سيكون التزاما لدى المخططين من التخصصات المختلفة بتحقيق مجتمعات عمرانية متميزة والارتقاء بالبيئة العمرانية وتعزيز حضاريتها وإنسانيتها. وفى ضوء ما سبق، فإن هذا البحث الذي يربط بين الجوانب الجغرافية المكانية وبين الجوانب الاجتماعية، فيلتقي فيه علم الاجتماع الحضري وجغرافية العمران في محاولة لرصد مظاهر ومشكلات الحياة الاجتماعية بالمدن الجديدة في مصر مع التركيز بشكل خاص على إحدى المدن الجديدة التي أقيمت بالصعيد-الأقل حظا في مشروعات التنمية-وهي مدينة بنى سويف الجديدة. |
---|