| المستخلص: |
لعبت جزيرة قبرص دورا محوريا في أحداث الحروب الصليبية منذ بدايات القرن الثالث عشر الميلادي، بعدما تمكنت أسرة لوزجنان الصليبية من الوصول للحكم داخل الجزيرة؛ فقد أخذ هؤلاء الحكام على عاتقهم مهمة دعم الصليبيين المقيمين بالشام بما يحتاجونه من مؤن ومحاربين، كما أن الجزيرة أصبحت آنذاك محطة رئيسة للحملات الصليبية المتجهة إلى الشرق الإسلامي. ولعل هذا الأمر هو الذي جعل سلاطين المماليك يعون منذ البداية الخطر الذي باتت شكله قبرص ضد مملكاتهم؛ لذلك فقد شرع السلطان بيبرس مبكرا في محاولة غزو هذه الجزيرة والسيطرة عليها، بيد أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح. من ناحية أخرى، فإنه بعد نجاح المماليك في الاستيلاء على عكا، وطرد الصليبيين من الساحل الشامي، فإن حكام قبرص قاموا بفتح أبواب جزيريهم أمام هؤلاء الفارين، وأصبحت هذه الجزيرة هي المركز الرئيس للحركة الصليبية طوال القرنيين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين. مهما يكن من أمر، فبالرغم من المناوشات التي كانت سائدة ما بين سلطنة المماليك وجزيرة قبرص، إلا أن العلاقات ما بين الطرفين لم تكن عدائية على طول الخط وإنما كانت تشهد أحيانا تواصلا وتقاربا بحسب مقتضيات الظروف. ولعل العامل والسبب الأهم في هذا التقارب تمثل في المصالح التجارية، والأرباح الطائلة التي كانت تتحقق من وراء تبادل البضائع التجارية بين الجانبين. ولعل الرغبة في الحصول على الأموال هي التي دفعت تجار قبرص مبكرا إلى خرق الأوامر البابوية التي كانت تحرم وتجرم كل تجارة مع المماليك، وهي التي دفعتهم كذلك إلى معارضة مشروع الملك بطرس الرامي الى مهاجمة المدن المملوكية، وذلك خوفا من تعرض تجارتهم لانتقام السلطات المملوكية. كما أن خضوع الجزيرة لسيطرة المماليك في عهد السلطان برسباي كان له تأثير إيجابي على مستوى العلاقات التجارية ما بين الدولتين؛ فقد عرفت البضائع والسلع القبرصية طريقها للأسواق المصرية والسورية بمستوى متنام ومتزايد عن الفترات السابقة، كما اتسمت تلك البضائع بالوفرة والتنوع.
The island of Cyprus has played a very important role in the events of the Crusades since the beginning of the 13th century, after the Lusignan family managed to reach power. These leaders were responsible for supporting the Crusaders residing in Syria, and providing them with the soldiers and products, they needed. The island was then the main point for the crusaders heading towards the Syrian coast. For their part, the Mamluk sultans had known the dangers that this island represented against their properties, for this reason, sultan Baybars began early his project to conquer and control the island, but this attempt was unsuccessful. On the other hand, after the Mamluks managed to seize Acre, the leaders of Cyprus opened the doors of their island to the expelled crusaders of the Syrian coast, and consequently this island became the main center of the movement of "Crusades" throughout the fourteenth and fifteenth centuries. Anyway, despite the skirmishes between the Mamluk Sultanate and the island of Cyprus, the relations between the two sides were not always hostile, but sometimes there was convergence between them, depending on the circumstances. The most important factor in this rapprochement is undoubtedly the commercial interests, and the huge profits made through trade between the two parties. The desire not to lose these profits then pushed the Cypriot traders to violate the orders of the popes, who forbade any trade with the Mamelukes, and who, on the other hand, led them to oppose the project of King Pierre I to attack the Mamluk cities, because they feared the violent measures that the Mamluk authority would take against their trade in Egypt and Syria. In addition, after the island became under the pontrol of the Mamluks, during the reign of Sultan Barsbay, a stage of prosperity had begun between the two countries in terms of trade relations.
|
