المستخلص: |
تناولت هذه الدراسة موضوعا على قدر كبير من الأهمية، ألا وهو حجية القرار الإداري أمام المحاكم النظامية، وذلك من خلال بيان المقصود بمصطلح حجية القرار الإداري وذلك في حالة ما إذا عرض نزاع يستند إلى قرار إداري أمام القضاء النظامي كونه صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية التي تخرج عن اختصاص المحكمة الإدارية. وتكمن أهمية دراسة هذا الموضوع من خلال تسليط الضوء على سلطة المحاكم النظامية في البحث في مدى قانونية القرارات الإدارية للتوصل إلى إصدار حكم في المسائل الحقوقية المعروضة أمامها، وتحديدا بيان مدى سلطة القاضي النظامي في إضفاء رقابته على عناصر وأركان القرار الإداري ومظاهر هذه الرقابة ومحدداتها، لا سيما وأن مسألة مشروعية القرار الإداري وإن كانت مسألة فرعية لأنها لا تشكل موضوع المنازعة الأصلية إلا أنه يتوقف البت فيها على البت في المسألة الفرعية، وتبرز أهمية الدراسة من ناحية توضيح المشكلات الإجرائية والموضوعية التي تواجه القاضي النظامي إزاء نظرة منازعة إدارية واستعراض الحلول الفقهية والقضائية إزاءها مما من شأن ذلك إثراء وتدعيم الحلول القضائية لحل الإشكاليات القانونية التي ما زالت مثارا للجدل الفقهي والقضائي يكتنفها الغموض واللبس، وتهدف هذه الدراسة إلى البحث في مدى تمتع القرار الإداري بقوة الشيء المقضي به التي بمقتضاها ابتداء تعتبر القرارات القضائية عنوانا لحقيقة قانونية قاطعة، وتسليط الضوء على بعض القرارات الإدارية التي تدخل ضمن حدود اختصاص المحاكم المتخصصة كمحكمة الجمارك والتي تتمثل بقرارات التحصيل والتغريم الصادرة بموجب قانون الجمارك وبيان فيما إذا كانت هذه المحاكم تملك إلغائها ومتى تصدر قرارها بذلك وتوضيح المقصود بالإلغاء وفيما إذا كان يتشابه مع حكم الإلغاء الصادر عن المحاكم الإدارية، وإن هذه الدراسة قد تناولت الجانب النظري من خلال استعراض آراء الفقه بشأن ذلك لا سيما وأن هذه الآراء قد انصبت على البحث في رقابة القضاء على مشروعية القرار الإداري دون البحث بشكل مباشر في بيان المقصود بحجية القرار الإداري أيضا تناولت هذه الدراسة الجانب التطبيقي وذلك عن طريق استعراض الاجتهادات القضائية لمحكمة العدل العليا والمحكمة الإدارية العليا الأردنية ومحكمة التمييز الأردنية وأحكام القضاء المصري. وخلصنا من هذه الدراسة كذلك فيما يتعلق بمدى سلطة المحاكم النظامية في إضفاء رقابتها على مشروعية وصحة القرارات الإدارية فإنه لابد من التفرقة بين حالتين وهما حالة إذا ما تم إثارة الدفع بعدم المشروعية أمام القضاء المدني فإنه قد استقر الفقه أنه يحظر على المحاكم النظامية المدنية أن تقرر شرعية القرارات الإدارية سواء كانت فردية أو تنظيمية وإزاء ذلك فهي ملزمة بأن تحيل هذه المسألة الفرعية إلى القضاء الإداري إلا أنه يعود الاختصاص للقاضي المدني في تقدير شرعية الأنظمة المعيبة إذا انطوت على اعتداء على الحرية الفردية أو حق الملكية ويكمن السبب في ذلك إلى خطورة وجسامة العيوب التي تكتنف الأعمال الإدارية، أما في حالة إثارة الدفع بعدم المشروعية أمام القضاء الجزائي فإنه قد استقر الاجتهاد القضائي وما اتجهت إليه آراء أغلبية الفقه إلى أنه من اختصاص القاضي الجنائي أن يقدر مشروعية القرارات الإدارية متى كان ذلك لازما للفصل في الدعوى الجنائية. لقد تبين من خلال هذه الدراسة أن القضاء النظامي بما يملك من صلاحية وزن البينة وفقا للقواعد العامة في الإثبات يملك معالجة القرار الإداري وإضفاء رقابته على عناصر الشكل والغاية والأسباب دونما الإشارة بشكل واضح وصريح لذلك في القرار الفاصل في الدعوى وبالتالي فإن صلاحيته تقتصر على البحث في مشروعية القرار بصورة غير مباشرة وذلك من ناحية انسجام القرار الإداري والقانون بمعناه العام.
|