المستخلص: |
نتج عن التطورات الأخيرة لعلم الآثار وتداخله مع العلوم التطبيقية ما يعرف بعلم آثار الحيوان، الذي يركز على دراسة مخلفات عظام الحيوانات في المواقع الأثرية، لما لها من أهمية في فهم البيئة القديمة وطبيعة النشاطات الاقتصادية التي مارسها الإنسان القديم. مشروع آثار العصور الحجرية في الصحراء الشرقية لأسفل نهر عطبرة هو أحد لمشاريع الحديثة في السودان المتخصصة في آثار ما قبل التاريخ (2016-2019م)، حيث كشف عن مواقع أثرية مختلفة في الحجم ونوع الآثار وفتراتها الزمنية. هدفت الدراسة الإعادة بناء البيئة القديمة للمنطقة من خلال التعرف على أنواع الحيوانات التي كانت بها بالاعتماد على التصنيف العلمي. وتوصلت الدراسة إلى أن المنطقة عاشت بها حيوانات برية من الغزال والجاموس وغيرها والحيوانات المائية من الأسماك والتماسيح والحيوانات المدجنة من الأبقار والماعز والضأن والحمار والحصان... الخ وهي حيوانات عرفها إنسان السودان القديم خلال المرحلة الثقافية المتعارف عليها بالفترة المتأخرة ما قبل التاريخ. كما اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي والمقارن مع العمل الميداني الأثري والتصنيف والمقارنة. وركزت الدراسة على جزء من منطقة المشروع للبحث حول أثر بيئات البلايستوسين المتأخر والهولوسين المبكر على ظهور ونمو مستوطنات الحجرية في منطقة الصحراء الشرقية لأسفل نهر عطبرة. حيث تم اختيار خمسة مواقع كعينات لهذه الدراسة. حيث أجريت على المواقع (EDAR036, 040, 047, 144) مسوحات أثرية إحصائية لجمع عينات من البقايا الحيوانية من السطح بينما الموقع (EDAR011) أجريت فيه حفرية اختبارية لجمع عينات من التراصف الطبقي. وكشفت تلك الأدلة الأثرية على مدى أهمية منطقة الصحراء الشرقية للسودان القديم كأحد المناطق التي شهدت تحولات مناخية مختلفة منذ نهايات البلايستوسين أي ما يقارب 12000 سنة مضت وحتى نهايات الهولوسين أي ما يقارب 4000 سنة مضت. عاشت في هذه الفترة مجموعات بشرية تطورت من مجموعات الصيادين والجامعين إلى مجموعات الرعاة والمزارعين على حافة بحيرة نهر عطبرة القديمة التي تحولت الآن إلى صحراء وهجرها الإنسان.
|