المستخلص: |
يمثل موضوع حقوق الإنسان من بين المواضيع المهمة، وإحدى الركائز الأساسية إلي يبنى عليها المجتمع الدولي، فهو قضية واقعية وحتمية فرضت نفسها على الضمير العالمي، بعدما كانت مجرد مبادئ فكرية ومثالية، وذلك بفعل تطور الأزمان والأذهان وبسبب ثورة الشعوب على استبداد وظلم الحكام. إن السعي من أجل تمتع الإنسان بحقوقه والاعتراف بكرامته، جعله يناضل ضد الانتهاكات الفاضحة الممارسة عليه من طرف الاستعمار بمختلف أشكاله، إضافة إلى العمل على مطالبته بوضع دساتير تحمي وتحفظ حقوقه. إن مخلفات الحرب العالمية الثانية التي شهدها العالم، من ويلات ودمار شامل وجرائم إبادة الجماعية للأسرى والمدنيين، جعلت المجتمع الدولي يفكر في وضع آليات تعزز احترام حقوق الإنسان وتأمين ضمانات قانونية لحمايتها ومعاقبة من يتجاوزها ويعتدي عليها. يعد احترام حقوق الإنسان والاعتراف بها مرتبطا أساسا بالحرية والسلام في العالم، الأمر الذي جعله نقطة تحول مهمة في مجال حقوق الإنسان، التي تبلورت بشكل واضح في ضمير المجتمع الدولي. لذلك تضافرت جهود الأمم لإيجاد مرجعية فعلية قادرة على تجسيد وتطبيق حقوق الإنسان على أرض الواقع، خاصة في ظل عصبة الأمم. إلا أن التطور في هذا المجال بدأ مع قيام منظمة الأمم المتحدة، خاصة عند تقريرها في ديباجة ميثاقها على تأكيد الدول حول حقوق الإنسان الأساسية وفي كرامة الإنسان وقيمته وفي الحقوق المساوية للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها. ومن هنا يعتبر ميثاق الأمم المتحدة الموافق عليه في مؤتمر سان فرانسيسكو1945، أول وثيقة دولية اعترفت بحقوق الإنسان، ليتجسد بعد ذلك في أول عمل تشريعي للمنظمة الأممية، والمتمثل في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر في شكل لائحة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10ديسمبر1948، والذي أضحى اليوم إحدى السمات الأساسية والمميزة لنظام الدولي المعاصر. ومن هنا تثار إشكالية جوهرية حول ما هي الظروف التاريخية التي سبقت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
|