ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







اللاعقلانية في التراث والنزعة التراثية: العقل المخارج والعقل المفارق

المصدر: قلمون : المجلة السورية للعلوم الإنسانية
الناشر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة والجمعية السورية للعلوم الاجتماعية
المؤلف الرئيسي: الجباعي، جاد الكريم (مؤلف)
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): Jbaee, Jad Alkareem
المجلد/العدد: ع6
محكمة: نعم
الدولة: تركيا
التاريخ الميلادي: 2018
الشهر: يوليو
الصفحات: 311 - 346
ISSN: 2548-1339
رقم MD: 1163909
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

16

حفظ في:
المستخلص: انطلاقا من فرضية أن اللاعقل يؤسس العقل ويحده، واللاعقلانية تؤسس العقلانية وتحدها، وفقا لنمو الحياة الإنسانية وتطورها أو تدهور شروطها، إذ الحد الثاني في الجملتين لا يعرف إلا بالحد الأول، ولا يحد إلا به، يذهب البحث إلى نفي القيمة (الإيجابية) المطلقة للعقل الذي لا يتجه بالضرورة إلى الخير والحق والجمال لأنه (عقل) فقط، إذ قد ينحط العقل إلى مستوى الحنكة والحيلة والتدبير، بمعناه الشائع، وإرادة السيطرة والتسلط والاستعباد، ويفترض التجانس في المختلف والمتباين والمتفاوت، من مثل المجتمع والأمة والشعب والثقافة والتراث، تبعا لكلياته المجردة من المكان والزمان، أو يفرضه عليها. وينفي البحث في الوقت نفسه، وبالقدر نفسه تخارج العقل والعاقل، ووجود عقل مفارق للكائن الإنساني المعرف بقدرته على تعقل عالمه وتعقل ذاته، في العالم وفي التاريخ. وينفي كذلك تطابق (العقل) والحقيقة بألف ولام التعريف، إلا حين تحظى الحقيقة باعتراف سائر العاقلات والعقلاء أنها حقيقة، أي إن قوام الحقيقة هو الكلية والعموم والشمول على أي مستوى من المستويات، ولاسيما المستوى الإنساني أو النوعي، وهو ما يطمح الفكر إلى بلوغه. وفق هذه المقدمات يفترض البحث أن أعمال جورج طرابيشي في نقد الجابري إنما انصبت على عقل مخارج ومستقل بذاته، ولا يزيد على كونه تجليا لعقل مفارق، يوحي ويلهم ويشرع. فلا تقتصر اللاعقلانية في التراث والنزعة التراثية على العناصر الخرافية والأسطورية والغيبيات والمقدسات التي يحتويها التراث فقط، بل تتعداها إلى النظر إليه والنظر فيه، على أنه شيء مستقل بذاته عن وارثيه، ومستقل من ثم عن الزمان- المكان، وأنه مستودع المعرفة وموطن الحقيقة، وأن (الأمة) لا يصلح أمرها إلا بما صلح به أولها، فتتعين اللاعقلانية في السلفية والماضوية والأصولية، علاوة على التباس التراث بكل من الذاكرة والتاريخ التباسا تتولد منه أوهام جميع (الخصوصية) و(الأصالة)، وأوهام الهوية، فيغدو (هو) ما يحدد نظرتنا إلى الطبيعة والعالم والإنسان، وإلى المرأة بوجه خاص، ويغدو (العقل) مقبرة مفتوحة للأسلاف، والثقافة استظهارا ومحاكاة، والمعرفة تذكرا، والإرادة تسليما بالقضاء والقدر، والحياة انتظارا للأجل المحتوم. يتناول البحث، بعد المقدمة، مسائل عدة تدور حول معنى الثقافة ومعنى العقل والعقلانية ونصاب الحقيقة ومعنى التراث، وذلك لفحص مقولات النقد ونقد النقد. ثم ينتقل إلى البرهنة على فرضيته الرئيسة؛ التفكير على التفكير، ويتوقف مليا عند الإبستيمولوجيا في خدمة الأيديولوجيا، والعقل المنشأ ومسألة الآخر، والإسلام السني صنيع الموالي أو ما سماه طرابيشي (مكر التاريخ)، أي عودة الموالي سادة ومشرعين، وينهي إلى مفارقات العقل النصي ويختم بالصحوة الإسلامية، التي آذنت بصعود السلفية والأصولية، مع قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، وبذرت فيها بذور التطرف، إذ يرى الباحث أن الصحوة الإسلامية فعلت في الوعي ما تفعله إيران الخمينية في السياسة. وإذ يبسط البحث معنى العقل، استنادا إلى لالاند، ويأتي باقتباسات طويلة منه، إنما يفعل ذلك لدحض تماهي العقل المكون والتراث، كما بدا في أعال الجابري ونقد طرابيشي، إذ سلم طرابيشي بهذا التماهي، كما تبين مرافعاته وتحرياته، ووصفه للعقل المكون أو الثقافة بأنه (ثقافة الأسلاف) و(الحضارة العربية الإسلامية)، وقد وجد الباحث ضرورة لعرض رؤية لالاند للعقل ومعاييره للتنبه إلى إزاحة المفهوم وهشاشة المعايير التي لا تزيد على كونها مصادرات فرضت على الموضوع فرضا، ولا تخلو من تعسف، بل هي بالأحرى تصنيفات ذات مرمى أيديولوجي. وقد افترض البحث أن بعض أعمال الجابري وطرابيشي التي انصبت على نقد (العقل العربي) ونقد نقده، إنما انصبت على (عقل) مخارج، ومستقل بذاته، لا محض عقل مفارق، للعقلاء والعاقلات، في العالمين العربي والإسلامي فقط. هذا (العقل) الذي بينت أعمالها أنه مخارج ومفارق، هو (التراث)، الذي انقطعت صلة العرب والمسلمين به منذ قرون، بحسب عبد الله العروي، أو هو (ثقافة الأسلاف)، بتعبير جورج طرابيشي نفسه، لا التراث المندمج في ثقافة الأحياء، هنا والآن، بحسب المتكلمة والمتكلم، ولا الثقافة المعاصرة التي أعلن كل منهما أن (مشروعه) يهدف إلى نقدها، ثم انصرفا عنها، غير عابئين بالتاريخ والتاريخية. (نذكر هنا بكتاب محمد عابد الجابري، (الخطاب العربي المعاصر)، وصداه في كتاب جورج طرابيشي المثقفون العرب والتراث، التحليل النفسي لعصاب جماعي). تتجلى صفة المخارجة، التي يدعيها البحث، في النظر إلى التراث على أنه كيان مستقل، يتحرك في اللازمان واللامكان، (حركة اعتماد) بحسب تعبير الجابري، أي دوران حول الذات أو مراوحة في المكان، إذ الزمان (المتموج) أو الدائري، المتصور أو المتخيل، هو نفسه المكان المتموج أو الدائري، زمان ومكان بلا إحداثيات، سوى إحداثيات (العقل العربي)، (البيان والبرهان والعرفان) الذي يصير لدى الجابري وطرابيشي (الثقافة العربية)، ثم (الثقافة العربية الإسلامية)، و(الفكر العربي)، ثم (الفكر العربي الإسلامي) والتراث العربي والتراث العربي الإسلامي، وينتهي إلى (الإسلام)، بألف ولام التعريف والفكر الإسلامي والتراث الإسلامي. سواء كان (الإسلام) إسلام البيان المؤسس للبرهان، عند الجابري (إسلام أهل السنة والجماعة)، أم إسلام الرسالة (إسلام القرآن) وإسلام التاريخ (إسلام الحديث) عند طرابيشي، أم إسلام الملل والنحل، المنبوذ، وقد حاول طرابيشي إثبات نسبه والانتصاف لأعلامه. وأما صفة المفارقة فتتأتى من المرجعية الأولية والأساسية لما يسمى العقل العربي، التي يلتقي عندها الجابري وطرابيشي ويتفقان عليها كل الاتفاق؛ نعني الوحي الإلهي. لذلك يتوخى البحث أن يكشف عن لاعقلانية ولامعقولية العقل المخارج والعقل المفارق، ليشير إلى أن ما نعيشه اليوم من عربدة السلفية الجهادية والجماعات الإرهابية، قد بذرت النزعة التراثية بذوره، تحت عنوان (الصحوة الإسلامية). فالبحث لا يتناول أعمال الجابري إلا بالإحالة عليها، بصفتها موضوع النقد الذي أنفق فيه طرابيشي شطرا غير قليل من حياته الفكرية، لكنه يشير إلى أن طرابيشي قتل الجابري (الأب)، كما قتل آباء آخرين من قبله، من دون أن يتحسب لـ (عودة المكبوت) ولكنه أحيا مشروع الجابري من حيث لا يريد. كما أن البحث لا يتناول مشروع طرابيشي، على نحو ما تناول هو مشروع الجابري، بل يتناول بعض المفهومات والمقولات التي يعدها تأسيسية في المشروعين، ويذكر بالصحوة الإسلامية بدلا من الخاتمة.

ISSN: 2548-1339