المستخلص: |
يأخذ الصراع على المياه داخل المنطقة العربية، وعلى أطرافها، أبعادا سياسية واستراتيجية خطيرة، نتيجة التحديات الصهيونية التي تواجه الأقطار العربية حيال مسألة حيوية طالما كانت سببا منذ التاريخ القديم في إشعال الحروب، ونعني بها مسألة السيطرة على المياه. وقد طرحت آراء عدة حيال هذه المسألة، ونشرت دراسات استراتيجية حولها، ويأخذ هذا الكتاب أهمية ملحوظة في مرحلة صعبة تمر بها العلاقات الإسرائيلية العربية. ويقف وراء هذه الأهمية سببان اثنان: السبب الأول: يكمن في مضمون هذا البحث الذي يتناول مسألة التعامل اليهودي والصهيوني مع المياه العربية في مختلف مراحل هذا التعامل، ربطا بالاعتبارات العقيدية لليهود المبينة التي تدعو على السيطرة على مياه الفرات والنيل وما بينهما. السبب الثاني: يعود إلى أن مسألة المياه العربية وما يواجهها من تحديات صهيونية، وإقليمية من بعض الدول المجاورة للوطن العربي، أخذت تطرح بشدة في أواخر القرن العشرين، علما بأنها كانت مطروحة منذ مطلع هذا القرن، وقد تعرضت مرارا إلى الدراسة والتوضيح من جانب عدد كبير من الدارسين العرب والأجانب، إلا أنها عادت لتقفز إلى واجهة الاهتمامات الإقليمية والدولية مع إمعان إسرائيل في العمل على تنفيذ مخططاتها السابقة في السيطرة على منسوب كبير من مياه العرب. حيث نرى كيف تحولت هذه المطامع من اعتبارات عقيدية مزعومة إلى برامج وأفكار سياسية مطروحة، قبل وجود ما سمي ((دولة إسرائيل)) وبعد قيام هذا الوجود، فمن دعوة ((الجمعية الملكية البريطانية)) منذ عام 1831م إلى تغيير أسماء المدن والقرى العربية في فلسطين واستبدالها بأسماء عبرية والتنبه إلى أهمية المياه بالنسبة إلى السكن في بلاد فلسطين، إلى شراء المستوطنين اليهود الأوائل لأخصب سهولة فلسطين في أرض ((مرج ابن عامر)) الغنية بالمياه إلى مطابة رئيس المنظمة الصهيونية حاييم وايزمن في سنة 1919م، بمياه نهر الليطاني لري منطقة الجليل الأعلى، إلى مراعاة مشروع تقسيم فلسطين، من مشروع لجنة ((بيل)) الملكية البريطانية في عام 1936م إلى قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947م لإعطاء الدولة اليهودية المناطق الأغنى بالمياه المطرية والجوفية، إلى طلب الشركات اليهودية المتهمة بالمياه من السلطات لذلك الطلب، وخاصة الرئيس اللبناني الفرد نقاش، إلى التخطيط منذ مرحلة الأربعينات لتجفيف بحيرة الحولة لاستغلال أرضها في الزراعي، والاستيلاء على نهار الليطاني في جنوب لبنان، ولاستثمار صحراء النقب وإسكان المستوطنين فيها، ولإقامة اتصال بحرية بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الميت على الحدود الأردنية الفلسطينية بغية تعزيز الملاحة البحرية والاستيطان في المناطق المجاورة للقناة. إن الافكار والسياسات الإسرائيلية منذ عام ١٩٤٨ م بدأ بالاستيلاء على مياه فلسطين المحتلة وإقامة مؤسسات إسرائيلية متخصصة بشؤون المياه مرورا بمشروع المهندس الأمريكي ((اريل جونستون)) الذي قدم بين عام ١٩٥٣ و1955 م اخطر مشروع مائي يقوم على إعادة تقسيم المياه بين إسرائيل ومصر والأردن وسوريا ولبنان، تحت شعار ((مشروع الإنماء الموحد لمصر وسوريا ولبنان وإسرائيل)) بحيث تحصل إسرائيل على 200 مليون متر مكعب من نهر الأردن سنويا، و٧٤٠ مليون متر مكعب من نهري الحاصباني وبانياس، و٤٠٠ مليون متر مكعب من نهر الليطاني. وانتهاء بحرب حزيران / يونيو ١٩٦٧م وما نتج عنها من متغيرات استراتيجية متعلقة بالمياه، إذ سيطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية على مياه الضفة الغربية وعلى منطقة الاغوار الغنية بالمزروعات وعلى وادي الرقاد ووادي اليرموك، ووادي الأردن، الغنية بالمياه فـي منطقتي الجولان والضفة الغربية، وبات نهر الأردن تحت السيطرة الإسرائيلية وخطا مائيا استراتيجيا يفصل بين الضفة الشرقية والضفة الغربية، ولطالما بنى منظرو الاستيطان الاسرائيلي نظرياتهم التوسعية على أهمية نهر الأردن، وفي مقدمتهم الوزير السابق ايغال الون. وأمام التوسع الإسرائيلي الاستيطاني تزداد الحاجة الإسرائيلية إلى مزيد من المياه، وعلى ذلك يؤكد الإسرائيليون المعنيون بالمياه، وفي مقدمتهم مركز (يافي) للدراسات الاستراتيجية في تل أبيب، ومؤسسة (ميكروت) المتخصصة بتنفيذ المشاريع المائية، بأن هناك حاجة إسرائيلية إلى زيادة مائية قدرها ٧٠٠ مليون متر مكعب سنويا. حيث تهدف إسرائيل إلى سحب مياه نهر الليطاني إلى داخل فلسطين المحتلة من الجزء الغزير منه الممتد بين قلعة الشقيف وجسر القاسمية على البحر المتوسط، خاصة وأن مليون متر مكعب من مياه الليطاني تصب هدرا في البحر، هذا بالإضافة إلى الضغط الإسرائيلي المستمر على سوريا والأردن لمنع تنفيذ مشروع ((سدة الوحدة)) على نهر اليرموك، حتى تتمكن إسرائيل من الاستفادة من مياه هذا النهر وبالحد الاقصى علما بأن هذا المشروع يعود في جذوره إلى عام ١٩٥٣م، ثم طرح في مؤتمر القمة العربي الأول بالقاهرة عام ١٩٦٤ م ، وما يزال ينتظر حتى اليوم المال اللازم والتضامن العربي الفعال لإنجازه. حيث يرافق هذه المعطيات المتعلقة بشؤون المياه، محاولات اسرائيلية مستمرة للتسلل إلى أثيوبيا وتركيا بغية التأثير في القرار السياسي للدولتين اللتين تسيطران على منابع نهري الفرات والنيل، بحيث يتم محاصرة مصر وسوريا والعراق في أهم مصدر حيوي المياه في تركيا والقرن الافريقي بالاتصال مع المجريات السياسية في المشرق العربي وشمال شرقي أفريقيا ومع الأمن العربي الاستراتيجي في البحر الأحمر. حيث أن هنالك احتمال نشوب الحروب على المياه وتأخذ مسالة المياه أبعادا سياسية معقدة إذا ما عرفنا بأن إسرائيل تستهلك سنويا أكثر من ألفي مليون متر مكعب من المياه، وأن حوالي نصف هذه الكمية مأخوذة بقوة الاحتلال من الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وجنوب لبنان. إن هذه الإجراءات الإسرائيلية تأتي مرتبطة بسياسة صهيونية وإسرائيلية قديمة، تهدف إلى السيطرة على المياه العربية، بالتزامن مع التوسع الجغرافي حيث كافة الاتجاهات السياسية الإسرائيلية قد ربطت وما تزال مسألة المياه بقضية الاستيطان، التي تعتبر القضية الأساس في العقيدة الصهيونية، وفي برامج كافة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وهذا ما يؤدي إلى استمرار الصراع العربي - الصهيوني، بشكل أو آخر ذلك لأن الصراع على المياه شكل ومنذ التاريخ القديم سببا جوهريا للمواجهات الحربية والعسكرية، وكان وما يزال، محورا هاما في كافة الدراسات الاستراتيجية، إذ بات من المعلوم بأن من الأسباب الرئيسية لحرب ١٩٦٧ هدف إسرائيل في السيطرة على المياه.
The struggle for water inside and around the Arabic region takes serious political and strategic dimensions as a result of the Zionist challenges which facing the Arabic countries about a vital issue as long as it has been a reason since ancient history in the outbreak of wars, this issue means the control of water. Several views have been raised and strategic studies have been published on this issue. This study takes an importance issue at a difficult stage in which Israeli-Arabic relations are passing. There are two reasons behind this importance: The first reason: A study deals with the issue of Jewish and Zionist dealing with Arabic waters in various stages with reference to the doctrinal considerations of the Jews that call for control of the Euphrates and Nile waters and between them. The second reason: The situation of the Arabic waters and the challenges faced by Zionism and regional from some of the neighboring countries of the Arabic world were taken up strongly in the late of 20 the century that it has been taken since the beginning of this century. The control of water issue has been repeatedly studied and clarified by a large number of Arab and foreign scholars. But it has returned to the regional and international forefront concerns as Israel continues to work on the implementation of its previous plans to control on a large level of Arabic water. Where we see how these ambitions turned from the alleged ideological considerations to the programs and presented political ideas before the so-called State of Israel and after the establishment of this state. From the call of the British Royal Society since 1831 to change the names of the Arabic towns and villages in Palestine and replace them with Hebrew names, and the importance of water for housing in Palestine to pay the first Jewish settlers to fertilize the plains of Palestine in the land (Marj Ibn Amer) which is rich in water, to the claim of the President of the Zionist Organization Chaim Weizmann in 1919 with the waters of the Litani River to irrigate the Upper Galilee, to take account of the Palestine partition plan of the plan of the British Royal Commission (Bell) in 1936, and to the resolution of the partition of Palestine plan by the General Assembly of the United Nations in 1947 to give the Jewish state the richest areas with rain and groundwater water, to the request of Jewish companies accused of water from the authorities to that request, especially the Lebanese president Al-Farad Nafash, to planning to dry Hula lake to exploit its land in agriculture since the 1940s, And the takeover of the Litani river in southern Lebanon, the takeover of the Litani river in southern Lebanon, investing in the Al-Nagab desert and housing the settlers there, and to establish a maritime link between the Mediterranean Sea and the Dead Sea on the Jordanian-Palestinian borders in order to promote maritime navigation and settlement in the vicinity of the canal. Since 1948, Israeli ideas and policies have begun to take over the occupied Palestine waters and the establishment of Israeli institutions specialized in water affairs passing through the project of the American engineer (Ariel Johnston), who was presented the most dangerous water project between 1953 and 1955 based on the re-division of water between Israel, Egypt, Jordan, Syria and Lebanon under the slogan (the project of the unified development of Egypt, Syria, Lebanon and Israel), so that Israel will receive 200 million cubic meters from the Jordan River annually, and 740 million cubic meters of the Hasbani and Banias rivers, and 400 million cubic meters of the Litani River, and ending with the June 1967 war and resulting geo-strategic variables water-related. As the Israeli occupation authorities took control on the west bank water and on the rich agricultural area of the Jordan valley, Wadi al-Rikad and Wadi al-Yarmouk, the Jordan valley which is rich in water in the Golan and the West Bank. The Jordan River become under Israeli control and a strategic water line separates the West Bank and the West Bank; the settlers of the Israeli settlements have long built Their expansionist theories on the importance of the Jordan River, led by the former minister Igal Allon. In the face of Israeli settlement expansion, the Israeli need for more water is increasing, therefore, the Israelis are concerned about water in particular the Yaffee Center for Strategic Studies in Tel Aviv and the Microot Foundation specialized in the implementation of water projects, that there is an Israeli need for a water increase of 700 million cubic meters per year. Where Israel aims to withdraw the waters of the Litani River into occupied Palestine from the extensive part of it extending between the Castle of Al-Shaqeef and the Qasimiya bridge on the Mediterranean Sea, especially since one million cubic meters of Litani water is wasted in the sea. This is in addition to the continued Israeli discomfort on Syria and Jordan to prevent the implementation of the "Unity" project on the Yarmouk River, so that Israel can benefit from the water of this river and at the maximum that this project dates back to 1953. And then presented at the first Arabic Summit in Cairo in 1964, and still awaits today the necessary money and effective Arabic solidarity to achieve. Accompanying these data related to water affairs, Israeli continued attempts to infiltrate into Ethiopia and Turkey in order to influence the political decision of the two countries that control the sources of the Euphrates and Nile rivers, so that Egypt, Syria and Iraq are trapped in the most vital source of water in Turkey and Africa In contact with the political processes in the Arabic Orient and North East Africa and with the Arabic strategic security in the Red Sea. As there is a possibility of wars on water and the issue of water takes complex political diminutions, if we know that Israel annually consumes more than 2,000 million cubic meters of water, and about half of this amount is taken from the West Bank, the Golan Heights and southern Lebanon. These Israeli procedures are linked to an old Zionist and Israeli policy, aim at controlling Arabic waters, in conjunction with the geographical expansion where all the Israeli political trends have still linked the issue of water with settlement issue, which is regarded as the fundamental issue in the Zionist doctrine. And in the programs of all successive Israeli governments and this leads to the continuation of the Arabic-Zionist conflict. In one way or another, because the conflict over water has formed since ancient history a fundamental cause of military confrontations, It was and still an important focus in all strategic studies. It is known that one of the main reasons for the 1967 war was Israel's goal of controlling water.
|