المستخلص: |
تعد عملية سن التشريعات من أهم الأعمال المنوطة قانوناً بالمشرع نظراً لتأثيرها المباشر على مصالح المواطنين، ومساسها بكافة مناحي الحياة في الدولة، وقد يتصور أن يصدر المشرع قانوناً يلحق الأضرار بفرد معين أو أفراد محددين في المجتمع، فهل يجوز لهؤلاء اللجوء للقضاء للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابتهم من جراء عمل المشرع؟ في الواقع إن المشرع عندما يضع القواعد القانونية التي تؤدي إلى تنظيم المجتمع يمارس عملاً سيادياً، وبالتالي فمن غير المقبول مساءلته، كما أن تعرض القضاء لعمل المشرع والحكم للمضرور بالتعويض عن عمله يشكل اعتداء على السلطة التشريعية وانتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يعد إحدى الدعائم الأساسية التي يقوم عليها القانون العام، لذلك اتجه مجلس الدولة الفرنسي إلى وضع قاعدة عامة مفادها عدم جواز مساءلة الدولة عن تشريعاتها. إلا أنه ونتيجة للتطورات الخاصة بشأن المسؤولية الإدارية للدولة بشكل عام، ووجود حالات جديرة بالرعاية تحتم التخفيف من قاعدة عدم مسؤولية الدولة عن تشريعاتها، بدأ مجلس الدولة الفرنسي في الزحف برقابته على القوانين التي تلحق أضراراً بفئة معينة من الأشخاص، مستنداً في ذلك إلى أحكام المسؤولية دون خطأ لاسيما الإخلال بمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة. وفي ضوء ما تقدم تم تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين، يخصص الأول منها لاتجاهات مجلس الدولة الفرنسي بشأن تقرير مسؤولية الدولة عن تشريعاتها، ويكرس الثاني لعرض الأساس القانوني لمسؤولية الدولة دون خطأ عن تشريعاتها.
|