المستخلص: |
يسعى هذا البحث إلى الكشف عن المرجعيات القرآنية في خطب السيدة الطاهرة الزهراء (عليها السلام) التي تمظهرت جليا وبأشكال متنوعة في خطبها، وارتبطت ارتباطا وثيقا ببناء شخصية الزهراء (ع) الدينية والروحية، إذ تعد خطبها بصفة عامة من النصوص المبكرة التي ظهر فيها الأثر الحقيقي للقرآن الكريم في الأدب العربي، وذلك لذوبان المعاني الإسلامية في نفسية وروحية الزهراء (ع). وقد وظفت الخطيبة (ع) تلك المرجعيات القرآنية في مجالات متعددة منها (تعظيم الله تعالى، والدعوة إلى التقوى، والجهاد، وتهذيب النفس، والاحتجاج، والتذكير بالحقوق...الخ). ولعل ارتكاز هذه النصوص الشريفة على جملة من الإمدادات والسياقات القرآنية، هو الذي جعلها تمتلك القدرة على إنتاج جملة من الدلالات (الباطنة والظاهرة) المنصهرة في بنيتها النصية حتى استشعر السامع (آنذاك) لذة تراكيبها ومعانيها، ويستمتع القارئ (إلى يوم الدين) بقدرة المنشئ وبراعته كلما حاول سبر أغوار هذه النصوص (حفريات النص) من طريق تعدد القراءات وتعدد آليات الاشتغال عليها. وليس هذا فحسب، بل يستطيع الباحث الحاذق الذي يمتلك أدواته وعدته المنهجية الصحيحة أن يكون من خلال تفكيك المنظومة الفكرية لهذه النصوص الشريفة فكرة جيدة عن الواقع الثقافي والمعرفي في ذلك الوقت، لما تمتلكه تلك النصوص من مقومات عقدية واجتماعية وثقافية انتظمت بنسيج لغوي قرآني أهلها لأن تكون مرآة صادقة ذات وظيفة مزدوجة، أولها: نقل براعة وقدرة المنشئ على التصرف بفنون القول (الخطاب الأدبي) وما تضمن من قواعد الإبلاغ والانزياح اللساني معا، وثانيها: نقل صورة الواقع المعاش بكل تفاصيله (الثقافي والعقدي والفكري... إلخ). كما يسعى هذا البحث أيضا إلى الكشف عن طبيعة تلك المرجعيات القرآنية، والسياقات التي وردت فيها، صياغة وتركيبا ودلالة، فضلا عن التعرف على أسلوب الزهراء (ع) في استغلال تلك المرجعيات لتكون منها أداة فاعلة في ثنايا خطبها. ومن ثم الحصول على الوفرة الكافية التي بها تستطيع تحريك فضاء الخطبة بين السكون والحركة، والتلويح والتصريح والتدبر والتذكر... الخ. ويسير البحث فضلا عن ذلك إلى الإمساك بإشكال تلك المرجعيات القرآنية وأنماطها عند الزهراء (ع) وما خلفته من توالد دلالي، يمضي إلى ذهن السامع والمتلقي حاملا معه الكثير من الشحنات العاطفية والفكرية والعقائدية. ثم ينتهي البحث بالوقوف على الأبعاد الدلالية التي ولدتها السيدة الطاهرة وقيمتها الجمالية والتعبيرية عند ارتباطها بالدلالات والمقاصد التي أنتجتها النصوص الأصلية، وذلك لان الغاية النهائية هي الكشف عن العلاقات الخفية بين عناصر النص الأصلي (القرآن الكريم)، والنص الجديد (خطب الزهراء عليها السلام).
This research sought to uncover the Qur’anic references in the sermons of the pure lady Fatima al-Zahra (peace be upon her), which appeared clearly in various forms in her sermons. It was closely linked to the construction of the religious and spiritual personality of al-Zahra (PBUH). Her sermons are generally considered as the early texts in which the real impact of the Holy Qur’an in Arabic literature appeared because the Islamic meanings are dissolved in the psyche and spirituality of Al Zahra (PBUH). The elocutionist (PBUH) employed these Qur’anic references in various fields, including (glorifying God Almighty, calling for piety, jihad, self-discipline, protest, reminding of rights etc. Perhaps the foundation of these noble texts on a set of Qur’anic supplies and contexts is what made them possess the ability to produce a set of (hidden and apparent) connotations fused into their textual structure so that the listener (at that time) sensed the pleasure of their structures and meanings, and the reader (until the Day of Judgment) enjoys the ability and ingenuity of the originator. Whenever he tries to probe the depths of these texts (text excavations) through the multiplicity of readings and the multiplicity of mechanisms working on them.
|