المصدر: | المجلة العربية للعلوم الإنسانية |
---|---|
الناشر: | جامعة الكويت - مجلس النشر العلمي |
المؤلف الرئيسي: | الرفاعي، حصة (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج 27, ع 107 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
الكويت |
التاريخ الميلادي: |
2009
|
الصفحات: | 11 - 56 |
DOI: |
10.34120/0117-027-107-001 |
ISSN: |
1026-9576 |
رقم MD: | 128249 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
يتناول البحث موضوعاً مهماً شغل دارسي الفولكلور ردحاً من الزمن وهو؛ ما الذى يطرأ على الحكاية الشعبية حين تدون؟ وهل يؤثر التدوين في طبيعة الحكاية؟ وما المعايير التي تحكم عملية تدوين نصوص الحكايات؟ وما مدى التزام الباحث قوانين الجمع الميداني والحفاظ على صورة الحكاية الأصلية شكلاً ومضموناً؟ ومعلوم أن الشفاهية هي ملمح أساسي من ملامح المأثور الشعبي عامة، والحكاية الشعبية خاصة؛ إذ إن الحكايات الشعبية تعتمد – بالدرجة الأولى – على الرواية الشفهية، وتشكل جلسات القص وسائط حية لتداول الحكايات بين جمهور من المستعمين الذين يؤثرون بصورة واضحة في تشكيل مادة الحكايات وفقاً لأمزجتهم ورؤاهم الكونية. ولا شك أن دور الجمهور الفاعل في حدث القص تفرضه طبيعة المواجهة المباشرة بين المبدع ومتلقي إبداعه. حيث إن القاص الجيد يجب أن يراعي تقاليد معينة في رواية حكاياته، تجنبه استياء جمهوره، وتكفل له القبول، وتعينه على ترويج ذخيرته من الحكايات في المجتمع الذي ينتمى إليه. وعلى الرغم من أهمية دراسة الحكاية الشعبية في محيطها الطبيعي، في حال توافر ذلك المحيط، وإدراك الباحثين تأثير الكتابة السلبي على نشاط الحكاية وحيويتها، فإن تدوين الحكايات وسيلة ضرورية لحفظها من الضياع. ومع ذلك لا يحقق التدوين غايته المنشودة إلا بمعرفة الباحث الأساليب المتبعة في علم الفولكلور؛ من حيث التزام الدارس الحياد التام، والموضوعية في التعامل مع الحكايات التي يقوم بجمعها وتضمينها في كتاب، والاجتهاد في نقلها إلى القارئ في صورة قريبة الصلة بهيئتها الأولى. لا ريب في أن الحكاية الشعبية – كسائر أنماط الأدب الشعبي – هي في المقام الأول إبداع شفهي، وهي تحمل سمات ترجح أفضلية الاستماع إليها، منها كيفية صوغ الراوي أحداث الحكاية الدرامية، وكيفية تصويره الشخصيات التي تضطلع بالأحداث، بالإضافة الى تغير طبقات صوته وهو ينتقل من حدث إلى آخر، وتغير الحركات والإيماءات وتعبيرات الوجه تبعاً لتغير المواقف الدرامية، وعندما يقلد شخصيات القصة محاولاً رسم صورها للسامع ليتخيلها بوضوح. فأحداث الحكاية، والتفاعل بين الراوي والجمهور المستمع، وقدرات الراوي الإبداعية، هي محاولة حقيقية لبعث الحكاية كياناً فاعلاً نابضاً بالحياة. وعلى الرغم من أن تدوين الحكايات أمر ضروري لحفظها من الضياع، فإن الحكاية الشعبية لم تتأثر بعملية التدوين، وواصلت مسيرتها الحيوية في القنوات الشفهية؛ إذ لا يضير هذا النمط المتداول شفهياً أن يقوم الباحث بجمعه وتصنيفه وحفظه في الأرشيفات أو طبعه في كتاب، ما دام الدارس حريصاً على حفظ صورته الأصلية وسماته الجوهرية المميزة، دون إقحام شخصي يفسد تلك السمات ويشوه حقيقتها بوصفها إبداعاً شفهياً. ولا بد أن نشير إلى مسألة مهمة جداً، وهي أن التعديل الذي يجريه الباحث على الحكاية هو أمر مختلف تماماً عن التغيرات التى تطرأ عليها في سياقها الشفهي الطبيعي، فالتغير سمة أساسية في تكوين الحكاية الشعبية، لاعتمادها أساساً على ذاكرة الراوي. وهذا التغير يحدث بصورة تلقائية بعيدة عن الانتقاء الواعي. يقول ستيف تومبسون: تخضع الحكاية الشعبية للتغير؛ لأنها تروى شفهياً. وفي ظل التغير المستمر الذي يعتريها، يشعر الباحث بأنه يسير على قاعدة من الرمال المتحركة، في ظل كيان لا يخضع لقوانين محددة. ولذلك تصبح محاولة إيجاد نظام صارم للحكاية الشفهية أمراً عبثياً. ومع ذلك فهذه الفوضى في طبيعة الحكاية هي، في واقع الأمر، مسألة ظاهرية. فالحكايات التى تجمع من منطقة بعينها تعكس ملامح مشتركة أكثر من تلك التي يتم جمعها من مناطق بعيدة عنها؛ وذلك لأن التغيرات التي تعتري نص الحكاية ليست بفعل عوامل تاريخية وجغرافية فحسب، بل تعود لأسباب اجتماعية ونفسية أيضاً. ويشير تومبسون إلى قضية التغير والثبات في نصوص الحكاية الشعبية قائلاً: هنالك سمات معينة تتمثل في جميع نصوص الحكاية، كما أن هنالك سمات أخرى تتغير بتغير الزمان والمكان، وانتقال الحكاية من مجتمع إلى آخر، وهي في رحلة انتقالها تكتسب ملامح البيئة الجديدة. وفي مقابل ذلك تسقط منها عناصر أخرى، ربما تكون غريبة على تلك البيئة. فالملوك والأمراء في حكاية ما، يستحيلون رؤساء قبائل في مجتمعات قبلية، أو سلاطين في مجتمعات إسلامية. وهذه التغيرات هي بمنزلة قوانين تحكم عملية تداول الحكاية شفهياً. فالحكاية الشعبية تعيش على شفاه رواتها، وهي ككل شئ حي، خاضعة للتغير المستمر. وهذا القانون يعين الباحث على معرفة الفرق بين نص الحكاية الافتراضي والمتغيرات التي انبثقت عنه. (1) والتغير الذي يطرأ على الحكاية بانتقالها من بيئة إلى أخرى لا يمس لبابها أو جوهرها، بل يعتري الأطراف البعيدة عن الجوهر. فإذا تبدل جوهر الحكاية توقفت وظيفتها وسقطت من الوجدان الجمعي. وهذا الأمر يفسر لنا سبب وجود عناصر روائية في بعض نصوص الحكاية الخرافية غريبة عن البيئة وعادات المجتمع الذي شاعت فيه، ومع ذلك استمرت تتردد على أنها مكون أساسي من مكونات الحكاية، ومن أمثلة ذلك النصوص التى تشتمل على عناصر تتصل بأكل لحوم البشر، والاعتقاد بوجود كائن ما تنتمي إليه القبيلة فيما يسمى العقيدة الطوطمية وغير ذلك، مما يعد غريباً على البيئة التي انتقلت إليها الحكاية. \ |
---|---|
ISSN: |
1026-9576 |