المستخلص: |
حاولت في هذا الدراسة أن ألتمس في التاريخ اليمني نماذج وصورا للعمل السياسي الذي أخذت به قوى المعارضة في الإسلام لمواجهة تسلط الحكومات الثيوقراطية -العباسية -التي عدلت عن الحق، واستهدفت تبرير مشروعية هذا الأسلوب النضالي على أساس نبل الغاية وسمو الهدف من ناحية، وضراوة القوى المتسلطة في قمع الحركات الجماهيرية المطالبة بعدالة الإسلام من ناحية أخرى. ولم يكن إثبات تلك الحقيقة بالأمر الهين، فكتابات السلف في الغالب الأعم تتواتر على تبرير النظام الكسروي العباسي، وتحمل بلا هوادة على الحركات والثورات الاجتماعية المعارضة كافة، وتصورها سياسيا على أنها «تطاول» و«تمرد» و«فتنة» و«حركة» ضد «ولي الأمر»، واجتماعيا على أنها هبات العوام والأسافل، كما أنها «مروق» و«كفر» من الناحية الدينية، مثلما قال هارون الرشيد للهيصم: «أنت الخارج على أمير المؤمنين وقاتل أجناده» . أما وجهة النظر المقابلة فلم يقدر الوقوف عليها، إذ أحرقت وأبيدت معظم كتب المعارضة على يد خصومهم، وما بقي منها مستور من الصعب الاطلاع عليه، ولذلك لم يبق للمؤرخ المعاصر إلا أن يعتمد على كتب خصومها بالدرجة الأولى، ولذلك لا يصل الباحث إلى الحقيقة إلا بشق الأنفس.
|