520 |
|
|
|a لقد تناولت في هذا البحث موضوع حديث وفي غاية الأهمية في كل من التشريع والفقه والقضاء، وذلك لأن الإنسان محل الحماية الجنائية سواء من حيث الجسد والروح لأن بهما تتحقق الحياة، كما أنهما يشكلان العناصر الأساسية المكونة للإنسان وذلك مما يقتضي القول أن عمليات نقل الأعضاء البشرية إنما يخضع لنص من نصوص التجريم، وبالتالي تتطابق مع النموذج القانوني لجريمة المساس بسلامة جسم الأنسان. وقد ذكرنا أن الطبيعة القانونية لحقوق الإنسان على جسمه، في رأي جانب من الفقه إنما هي حق من حقوق الشخصية في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى إنها حق ملكية وهذا بدوره يسمح بتصنيف الجسم من بين الأشياء التي يسمح فيها ضمان التكافل الجسدي. ونود الإشارة إلى أن التعامل في الأعضاء البشرية إنما يدخل في نطاق التجريم، فمثلا إذا اتفق المنقول منه على استقطاع عضو من جسمه لزرعه في جسم إنسان آخر فإن مثل هذا الاتفاق يقع باطلا إذا كان بمقابل. وقد وجدنا أغلب التشريعات العقابية الحديثة قد عمدت إلى تنظيم عمليات نقل الأعضاء وزرعها في جسم الإنسان في تشريعات خاصة وذلك من أجل حماية الأفراد وسلامة أجسادهم. ونرى أن أساس المشروعية إنما يتمثل في التصرف في جسم الإنسان، بالرغم من أن مبدأ حرمة الإنسان إنما هي من المبادئ المستقرة مما دفع جانب من الفقه إلى أن أساس مشروعية نقل وزرع الأعضاء البشرية إنما يقوم على فكرة التضامن الاجتماعي، وقد ذهب السائد في الفقه الجنائي إلى أن عقد التبرع هو عبارة عن عقد يقدم فيه المتبرع للمتبرع له خدمة أو منفعة دون أن يخرج شيئا من ماله، مما أدى إلى انقسام الفقه إلى اتجاهين: الاتجاه الأول يرى أن تصرف الإنسان بأي عضو من أعضاء جسمه إنما يكون من قبيل التبرع، لأن حق الإنسان على جسمه ليس حقا ماليا لأنه من الحقوق اللصيقة بالشخصية. أما الاتجاه الثاني فقد ذهب إلى جواز التصرف في الأعضاء البشرية وذلك بتعويض مقابل هذا التصرف بالعضو البشري، وهذا من شأنه أن يمنح المتبرع تشجيعا وتعويضا لأن مثل هذا التنازل سواء أكان بمقابل أو بدون مقابل فإنه يشكل مشكلة أخلاقية وليس قانونية. كم أشرنا إلى أن التصرف بالأعضاء البشرية سواء أكان تبرعا أو بمقابل فليس من شأنه أن يهدر قيمة الجسم أو يمس باحترام الإنسان وبالتالي يجب عدم الخلط بين الشهامة والمشروعية، لأن الأولى أخلاقية والثانية قانونية. بالنسبة لموقف الفقه الجنائي من الوصية بالأعضاء البشرية، فقد ذكرنا سابقا إلى أن الحق في التكامل الجسدي إنما هو من الحقوق الأساسية للإنسان، وبالتالي ماهي الشروط والتصرفات التي من شأنها السماح للطبيب أن يقوم بالاعتداء على جسم الإنسان وذلك لأهداف علاجية أو علمية. لهذا يمكننا القول إن الوصية هي من التصرفات القانونية التي تنشأ بإرادة منفردة، حيث تتجه إرادة الموصي إلى إنشاء التزام وبالتالي تكون تصرف أحادي، مما يؤدي إلى القول أن الوصية هي مصدرا من المصادر التي ترفد عمليات نزع الأعضاء البشرية. أغلب التشريعات أجازت للشخص البالغ أن يوصي بجثته أو بجزء منها للأغراض العلمية أو الطبية لأنه صاحب الحق في التصرف بجثته، والآن نتساءل هل يجوز للقاصر أن يوصي بجثته للأغراض العلمية أو العلاجية، حيث يرى السائد في الفقه على وجوب احترام وصية القاصر لأكثر من ستة عشرة سنة. أما بالنسبة للمحكوم عليه بالإعدام فيرى جانب من الفقه بجواز نزع الأعضاء البشرية من المحكوم عليه بالإعدام بعد تنفيذ الحكم، في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى أنه لا يجوز المساس بحرمة جسد المحكوم عليه بالإعدام بعد تنفيذ الحكم، إلا في النطاق الذي حدده القانون وبالتالي لا يجوز إلزام المحكوم عليه بالإعدام على التنازل عن عضو من أعضاء جسمه بعد الوفاة لأنه يتعارض مع مبدأ كرامة الإنسان.
|b This study tackles an extremely important and modern subject in legislation, Fiqh and justice. Every human being on this earth enjoys the criminal protection in body and soul. In fact, body and soul are deemed the basic components of the people. Therefore, the transfer of human organs is bound to the provisions of criminality, and thus corresponds to the legal form of the crime of compromising the integrity of the human body. Some Muslim scholars argue that the legal nature of the body part transfer is personal; however, others stipulate that it is an issue of ownership, and this allows the classification of the body in line with the human solidarity. The provisions of criminality govern the acts of buying and selling human body organs. For example, if a person gave a consent to give an organ of his body to another person for money, such consent is deemed null and void. Most modern legislations regulate the transfer and transplantation of body parts in special legislations to protect and safeguard the integrity of the human bodies. This legitimacy underlies the disposition of the human body, although the concept of the inviolability of the human being is well established. Some Muslim scholars believe that the legitimacy of the transfer and transplantation of body parts is based on the idea of social solidarity. The mainstream trend in criminal Fiqh affirms that the donation contract allows the donor to donate service or benefit to another person without receiving any money. Therefore, there are two main views in this respect. The first view stipulates that one can only donate (not sell) an organ of his body, because the human being does not own his body in the same way he owns personal possessions. The second view consents to the disposal of human organs in return for some form of financial compensation, because this paid or unpaid waver of a human organ constitutes an ethical problem. In the criminal Fiqh, the right of human body integration is a fundamental human right. There are conditions and measures that regulate dealing with the human body for medical or scientific objectives. Thus, the willpower of body organs is one of the legal actions that stem from an individual desire, a unilateral act that establishes an obligation, leading to the conclusion that the personal willpower represents an authorization of body part supply. Most legislations authorized the adult person to bequeath his body or part of it for scientific or medical purposes because he is the sole owner of his body. But, does a minor person have the right to bequeath his body for medical and/or scientific purposes? In this regard, the mainstream Fiqh states that the willpower of a 16-year minor or over should be respected. As for the people who receive the death penalty, some Muslim scholars endorse the removal of body parts from the dead body after the execution of the death sentence. On the other hand, some scholars disapprove the removal of the parts from the dead body after the execution. Therefore, no one can oblige the dead person to waive parts of his body after his death, because it is contrary to the principle of human dignity.
|