المستخلص: |
مع سيدنا نوح عليه السلام، ننتقل إلى مرحلة مفصلية من تاريخ الإنسان، وهي مرحلة انتهاء الإنسان تماما من سطح الأرض، وما بقي من الإنسان هو فقط وجود نوح ومن معه في سفينة على الماء، وما دون ذلك، فلا وجود لبشر قط. إذن، سوف يقود نوح عليه السلام، المسيرة الجديدة الثانية للبشرية عندما تستوي سفينته (عَلَى الْجُودِيِّ) هود ٤٤. وسوف يكون الأب الثاني للبشر بعد آدم، والخلاف بين الرجلين المؤسسين للذرية البشرية، أن الأول خلق دون أب أو أم، وقد وجد نفسه بغتة في الجنة، والثاني وجد أن الطوفان قد سحق كل كائن بشري أينما كان تواجده من سطح الأرض، ووجد نفسه ومن معه في سفينة، وعندما تستوي سفينته (عَلَى) جبل (الْجُودِيِّ)، سوف يدرك عظمة مسؤولية تأسيس إنسان جديد سوف يخلقه الله عز وجل. ولذلك سيكون حريصا على الإنسان كل الحرص، وخائفا عليه كل الخوف، وكذلك قلقا عليه كل القلق، وهو الذي قد خرج للتو من طوفان سحق الأخضر واليابس، بما في ذلك أكثر الناس قربا إليه، فلذة كبده، وحليلته، وكل ذلك تحول في هنيهة إلى شيء من الماضي الذي لم يعد له أي وجود.
|