المستخلص: |
وهكذا توحى دراستنا لمكانة التاريخ وفلاسفته في فكر هنري كيسنجر بأننا أمام مدرستين للتفكير: الأولى هي التي لا تعطى اهتماما كبيرا للانشغال بهدف وغاية التاريخ وأن هذا لا يمثل أهمية ثقافية وسياسية معاصرة أمام ما يفرضه العلم والتكنولوجيا المعاصرة والتي تحول العالم بشكل سريع يجعل الماضي وتذكره أمرا قليل الأهمية بالنسبة للاهتمامات المعاصرة، أما المدرسة الثانية التي يمثلها كيسنجر فهي التي تؤكد على الأهمية المستمرة لبحث الإنسان عن معنى للتاريخ. والواقع أن اهتمام كيسنجر بهذا البعد الفلسفي والاستعانة به في أداءه الديبلوماسي هو الذي أعطى ثقلا وأساسا فلسفيا لهذا الأداء بل واستخدمه للرد على منتقديه الذين اتهموه بتجاهل البعد الأخلاقي والتغاضي عن المثل والقيم الأمريكية وتسامحه مع النظم الشمولية من أجل استقرار العالم، يرد كيسنجر على هذا الانتقاد بأن الوفاق أو السعي إلى السلام هو في رأيه "عملية تاريخية" وعمل أخلاقي في وقت واحد.
|