520 |
|
|
|a الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وهي تمثل أنسب السبل لإقامة العدل، وقد حرص فقهاء الأمة الإسلامية عبر مصنفاتهم وكتاباتهم المختلفة على إبراز هذه الأهمية، وقد شهد العالم العربي والإسلامي خلال القرنين 14 و15 الهجريين تقدما ملحوظا في الفقه الإسلامي شرحا، وتبسيطا، وتقنينا، بأساليب معاصرة جمعت في معناها ومبناها بين أصالة الشريعة الإسلامية وثقل عقول فقهائها الأجلاء، وغزارة ما كتبوه في مصنفاتهم المختلفة عبر قرون طويلة، وما بين النصوص القانونية الحديثة التي أصدرتها الجهات القضائية المختلفة، أو وضعها كبار رجال القانون من مواد وشروح تفسيرية لها، اشتهر من هذه الجهود مشروع ((مجلة الأحكام العدلية)) التي صدرت عام 1295هـ، غير أن ثمة جهود أخرى قد بذلت لا تقل أهمية عن مجلة الأحكام العدلية، ولكن لم يقدر لها الانتشار والشهرة والعمل بشكل واسع، نظرا لظروف تتعلق بمحتواها، حيث مثل بعضها نطاقا معينا مثل ((أحكام الجنايات والحدود)) أو ((أحكام الأسرة)) أو ((الأوقاف))، أو بالجهات التي أصدرتها، أو بظروف وأحوال الدول التي صدرت فيها. ويتناول هذا البحث ثلاثة من جهود تقنين الشريعة الإسلامية التي بذلت خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجري، وتحديدا في نطاق 100 عام تبتدئ بسنة 1306 ه، وتنتهي بسنة 1403ه، وهي: مجموعة محمد قدري باشا القانونية (المتوفي سنة 1306ه)، وقانون حقوق العائلة أو قانون الأسرة التركي (الصادر سنة 1336 ه)، ومشروع تقنين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة (الصادر عن مجلس الشعب المصري في 1403ه-1983 م)، وذلك من خلال دراسة تاريخية وصفية تحليلية لهذه الجهود الثلاثة، ويعتمد البحث في المقام الأول على المصادر الأصلية لها وفق طبعاتها المشهورة المعتمدة، بالإضافة إلى مراجع أخرى قديمة أو معاصرة تناولتها بالوصف والتحليل. وقد انتهى البحث إلى عدة نتائج من أهمها: أن مسألة تقنين الشريعة الإسلامية في مواد قانونية عد هدفا شرعيا ومطلبا قضائيا، سعت لتنفيذه دول وجهات ومؤسسات منذ أزمان طويلة، وأنه كان من أهداف هذا التقنين الاستجابة لمتطلبات المجتمعات الإسلامية، وإبراز مكانة الشريعة الإسلامية وعدالة أحكامها في صورة سهلة ميسورة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة لتحل محل القوانين الوضعية التي طغت وانتشرت في الدول العربية والإسلامية بسبب السيطرة الاستعمارية. وخلص البحث إلى أن مؤلفات محمد قدري باشا الثلاثة تعد تجربة فردية رائدة في تقنين الشريعة على المذهب الحنفي الذي كان واسع الانتشار في الدولة العثمانية، وقد تميزت بالبساطة في الأسلوب، واليسر في العرض والتناول، والإيجاز في نصوص المواد، والإلمام بكافة جوانب الموضوعات التي تناولتها. كما خلص إلى أن قانون حقوق العائلة الذي أصدرته الدولة العثمانية يعد نموذجا فريدا من التقنين الذي حقق مصالح شرعية وقضائية لجميع رعايا الدولة العثمانية من المسلمين وغيرهم، وأنه في مصر جاء مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة في السبعينيات نتيجة مطالبات شعبية ورسمية من بعض الجمعيات والمؤسسات التي كانت ترغب في تطبيق الشريعة الإسلامية، ولاقت الدعوة حينها استجابة من الدولة. وقد تلاه قيام مجلس الشعب المصري بإعداد مشروع تقنين الشريعة الإسلامية؛ اعتبر خطوة رسمية محمودة من الدولة آنذاك للاتجاه نحو تفعيل الشريعة الإسلامية، وجعلها متصدرة للمشهد في المجتمع بصورة قوية -لولا توقف المشروع لاحقا عن التنفيذ. وأوصى البحث بضرورة إعادة النظر من قبل الحكومات والهيئات القضائية الرسمية في إحياء مشروعات التقنين التي بذلت فيها الجهودي لسنوات طويلة، وتفعيلها بشكلها السابق، أو تعديلها لتناسب العصر الحاضر، حاثا- في اقتراح وتصور ورد في آخره- الدول العربية مجتمعة بالسعي إلى إصدار مشروع عام موحد لتقنين الشريعة الإسلامية.
|b Islamic Law is suitable to be practiced at any time and place. It has served as an example of a perfect journey in the establishment of justice. The Muslim Jurists have encouraged Muslim Ummah (nation) to bring out this important issue through their vast compilations and writings. The Arab and Islamic World has witnessed, during the Fourteen and Fifteen Centuries A.H., visible advancements in Islamic Law in terms of explanation, simplification, and codification, recorded in contemporary writing style which combined in its meaning and structure the originality of Islamic Sharia and the weight of the minds of its venerable jurists, the abundance of what they wrote in their various works over the centuries, and the modem legal texts issued by the various judicial authorities, or drawn up by senior jurists of materials and explanatory explanations for them. The most famous of these efforts is the “Journal of Judicial Judgments”, which was issued in 1295 AH. However, other efforts have been made that are no less important than the Code of Judicial Judgments, but they have not been able to spread, or work on a wide range due to circumstances related to their content, as some of them represented a specific scope, such as “Ahkam Al Jinayat (criminal provisions) wal Hudud (limitations) or “family rulings”, or “endowments”, or matters related to the authorities that issued them, or the circumstances and conditions of the countries in which they were issued. This research, too, deals with three efforts to codify Islamic law that were made during the fourteenth and fifteenth centuries AH, specifically within the range of 100 years, starting in the year 1306 AH and ending in 1403 AH, which are: Muhammad Qadri Group Legal Pasha (died in 1306 AH), the Family Rights Law or the Turkish Family Law (issued in 1336 AH), and the draft legalization of Islamic Sharia on the four schools (issued by the Egyptian People’s Assembly (1403 AH-1983 AD)), through a historical, descriptive and analytical study of these three efforts..
|