المستخلص: |
تهدف هذه الدراسة إلى توضيح العلاقة بين ترسيخ مبدأ حقوق الإنسان في المجتمع والاستقرار السياسي والمجتمعي، صحيح أن هناك كثير من العوامل التي تساهم في الاستقرار السياسي والاجتماعي، إلا أن مبدأ حقوق الإنسان يلعب دور مهم ومحوريا في الاستقرار السياسي، فهو بمثابة البوابة التي تفتح المجال للعديد من القيم والمبادئ، مثل العدالة والمساواة والحرية والتضامن والمشاركة السياسية وغيرها من المبادئ الإنسانية، كما أنه يعمل ككابح يلجم ويكبل السلطة الحاكمة، وكل من لديه السلطة في صنع القرار، وخصوصا مع تبنيه من قبل المنظمات الدولية. تفتقر ليبيا لحالة الاستقرار السياسي والمجتمعي، مند القرن العشرين، رغم أنها ظاهريا تبدو مستقرة، بسبب السيطرة الأمنية المفرطة، إلا إنها غير مستقرة، ويتضح ذلك من خلال التخبط في إصدار القوانين والتشريعات المتكررة وتغيير الوزارات...الخ في سبعينيات القرن الماضي؛ ويرجع ذلك بسبب الفجوة بين الحاكم والمحكوم، بالإضافة إلى تدني مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان لشريحة كبيرة من المجتمع، وهذا الغياب في هذه الثقافة، جعل الكثير من الأفراد لا يعي حقوقه ولا يطالب بها عند تعرضه لانتهاكها، مما أدى إلى زيادة سطوة كل من يمتلك سلطة لقناعته بعدم وجود عقاب والإفلات منه، وهذا على المدى البعيد أدى إلى شرخ اجتماعي وبمجرد أن انهارت الدولة في 2011 م، ظهرت الصراعات والمشاكل الاجتماعية والسياسية والثقافية كردة فعل بسبب القهر والظلم الذي كان سائد في السابق، وأخذ الحق بالقوة (الغلبة) بعيدا عن القانون، وتشرذم المجتمع وشرخ في النسيج الاجتماعي. إن تطور المجتمعات في مجال التواصل وتبادل التجارب والخبرات المجتمعية، ونشوء طبقات من المثقفين، يحتاج بضرورة إلى تطور آليات ومؤسسات ليعبر بها المجتمع عن حقوقه وطموحاته، وبدون وجود هذه المؤسسات أو ضعفها، تزداد الفجوة بين الحاكم والمحكوم، ومع مرور الوقت، تؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة الاستقرار أو انهيار النظام. المؤسسات أو ضعفها، تزداد الفجوة بين الحاكم والمحكوم، ومع مرور الوقت، تؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة الاستقرار أو انهيار النظام. إن الأنظمة الغير ديمقراطية، هي أنظمة هشة، رغم أنها تمتلك وسائل القوة والقهر الضخمة، ونتثبت استقرارها وتفرض أمنها بهذه بالقوة الأمنية المتعددة كما وكيفا، وليس أمنها نابع من قناعة المواطنين، بضرورة المحافظة على الدولة ومكتسباتها، وهذا الاستقرار هو مؤقت وهش، وسرعان ما تنهار في أول أزمة سياسية أو اقتصادية، ويتمخض عن هذا الانهيار، انهيار مؤسسات الدولة بالكامل كما في ليبيا واليمن وضعفها كما في تونس ومصر، ويتشرذم المجتمع ويدخل المجتمع في نفق الحروب والصراعات الأهلية، وهذه الحروب تخلف ورائها المزيد من التشردم والانقسام وإهدار الموارد ومن تم الفقر والجهل والمرض، ليصعب بعد ذلك معالجة هذه الإشكاليات على الأمد القصير، ويحتاج المجتمع لفترة طويلة لربأ هذا الصدع من خلال مصالحة وطنية شاملة. بينما النظم الديمقراطية على العكس من ذلك، فهي تتسم بالاستقرار السياسي والاجتماعي؛ لأن هذا الاستقرار نابع من العقلية الذهنية والثقافية للمجتمع، واقتناع الأفراد بأن الدولة هي مكسب ويجب المحافظة عليها من خلال احترام القوانين والتشريعات والدستور، واحترام الآخرين الشركاء في الوطن، وإن الوطن للجميع مهما كانت دياناتهم أو ثقافتهم المختلفة، فهذا التنوع هو مصدر غناء وثروة للمجتمع والدولة، حيث تذوب الأقلية في المجموع، وتصبح المصلحة واحدة ويتلاشى هذا الاعتقاد بالأقلية، فالجميع متساويين في الحقوق والواجبات، يجمعهم الوطن (حق المواطنة).
The aim of this study is to clarify the relationship between the consolidation of human rights in society, and political and societal stability. Political stability is the commitment of the ruling authority to a country’s laws, legislation and adherence to the constitution. This commitment leads to narrowing the gap between the ruler and the ruled, and would lead to social stability, solidarity, integration and community harmony. There are many factors that contribute to political and social stability. One such factor, is upholding the principle of human rights, which plays an important role in political stability, political reform and societal solidarity. Upholding principle of human rights also allows the flourishing of values and principles, such as justice, equality, freedom, solidarity, teamwork, political participation and other principles. The principle of human rights also acts as a check on the ruling authority, especially when it is bound by conventions, and international organizations. Many Arab societies, and this study will focus specifically on Libya, lack a state that is political and societally stable. Although outwardly and formally, the country seems stable, however, despite appearances, Libya is in a state of political and social instability. This is due the weakness of the state institution, which in turn is due to the failure of civil society institutions, especially those concerned with human rights. The absence of a functioning and robust institution, renders the state open to being manipulated, and utilized as the ‘personal property’ of the ruling authority. There is also a lack of awareness from a large segment of society of their rights and duties, due to the lack of merit this concept has within society. This has meant that many individuals are not aware of their rights nor do they claim them when they are made aware of their violation. This has meant that those in positions of authority have grown more powerful as they believe there is no repercussion for infringing on the rights of their citizens. In the long run, this leads to a social rift, as the state weakens or collapses in the absence of a culture of tolerance, human rights and societal solidarity - which should be instilled by civil institutions. However social, political and cultural issues emerge as a reaction due to oppression and injustice and when societal rights are taken by force away from the authorities, the causes the division of the state.
|