ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الثورة الجزائرية في ذكراها الخمسين ، 1954 - 2004 : حرب استقلال أم ثورة تحرر ؟

المصدر: عالم الفكر
الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
المؤلف الرئيسي: سعيدوني، ناصر الدين (مؤلف)
المجلد/العدد: مج 33, ع 3
محكمة: نعم
الدولة: الكويت
التاريخ الميلادي: 2005
الشهر: مارس
الصفحات: 175 - 198
ISSN: 1021-6863
رقم MD: 137628
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink, HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

22

حفظ في:
المستخلص: إن حالة التأزم التي عرفتها الجزائر في العشرية الماضية وتراجع ذكريات الكفاح المسلح إلى الذاكرة التاريخية للشعب الجزائري، تفرض علينا في نهاية هذا العرض استخلاص بعض النتائج التي أسفرت عنها الثورة الجزائرية: 1- أنها حصيلة التجربة التاريخية للشعب الجزائري مع الاستعمار الفرنسي، وثمرة جهد الحركة الوطنية الجزائرية التي نجحت في بث الحماس الوطني والوعي السياسي في شرائح واسعة من الشعب الجزائري، مما هيأ الأرضية لنجاح الكفاح المسلح. 2- أنها عملية تحول عميقة للشعب الجزائري تمخضت عن تشكل مجتمع متماسك ودولة حديثة قائمة على مبدأ الوحدة الوطنية، هذه الوحدة التي ما كان لها أن تتحقق لولا تمكن الثورة من احتواء مختلف الشرائح والتوجهات في جبهة التحرير الوطني. 3- أنها حركة تحرر وطني معادية للهيمنة الاستعمارية ومناهضة للظلم والاستبداد، وهذا ما كان له تأثير عميق في نفسية غالبية الشعب الجزائري الذي ارتبط مفهوم الثورة لديه بالعدالة والكرامة والمساواة، مما سوف يؤثر مستقبلا في علاقة الفرد الجزائري بنظام الحكم في الجزائر المستقلة. 4- أنها نموذج عمل ثوري يرفض مبدأ الزعامة الفردية ويأخذ بالقيادة الجماعية، ولا يتوقف عند الاختلافات الشخصية، وإنما يوجه جهوده كلها لتحقيق الهدف الأسمى وهو القضاء على المشروع الاستعماري ونيل الاستقلال. 5- أنها أسلوب كفاح مسلح يرفض الحلول الوسطى ولا يأخذ بسياسة المراحل، وهذا ما ضمن للجزائر وحدتها الترابية والبشرية، وقدم للشعوب المستعمرة درسا مفاده أن أقصر طريق لتحقيق الهدف هو عدم التفريط فيه أو التفاوض عليه. 6- أنها زخم ثوري وانعتاق تحرري تجاوز تأثيره الجزائر إلى العديد من الأقطار العربية والأفريقية وبرهن على أن مصير الشعوب في يد أبنائها، وأن قوة الخصم مهما عظمت لا يمكن أن تتغلب على إرادة الشعوب وأن وحدة الشعوب العربية تكمن في إيمانها بوحدة المصير والوقوف صفا واحدا في وجه الهيمنة الأجنبية. وانطلاقا من هذه النتائج يتضح لنا أن الثورة الجزائرية عملية مركبة من حيث منطلقاتها وتفاعلات أحداثها، لم تزدها الكتابات العديدة عنها سوى غموض بفعل الإعجاب بها أو العداء لها، بحيث لا يمكن تحليل وقائعها من خلال تصور واحد أو مفهوم محدد أو موقف ملتزم الداخل فيه وطني والخارج منه غير وطني، وإنما يتعين معالجتها من منظور الوحدة من خلال التنوع، لكون الثورة في أساسها جبهة ائتلاف لقوى وطنية وواجهة سياسية لآراء مختلفة وحدتها الظروف وجمعها شعار الاستقلال وصهرتها التضحيات، وحركة عامة عبر من خلالها الشعب الجزائري عن ذاته، ليس فيها ما يفرق بين صانعي أحداثها إلا بمقدار ما يقومون به من عمل ويؤدونه من واجبات. إن الثورة الجزائرية -ككل الثورات الكبرى في العالم -حصيلة تفاعل إيجابي بين قوى البناء وعوالم الهدم قد لا يرى المتتبع لها عن قرب إلا أحداثا متداخلة ومواقف متباينة، لكن الملاحظ لها عن بعد يرى في التطورات التي عرفتها والتفاعلات التي أفرزتها، تطورا عميقا في اتجاه سير التاريخ الذي هو أشبه شيء بسيل جارف وأمواج متلاطمة من أراد النجاة سايره ومن حاول الوقوف في وجهه أطاح به وألغاه، وهذا ما يجعل الثورة الجزائرية بحق صوت الشعب وضمير الأمة ونداء التاريخ، فهي زلزال عنيف، هز الجزائر من الأعماق وأثر في محيطها العربي والإسلامي، ولا تزال ارتداداته وهزاته متلاحقة لا نخالها تتوقف إلا مع بلوغ الشعب الجزائري توازنه الروحي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي فيغدو الإسلام روحا دافعة والعروبة هوية موحدة والمصلحة الوطنية ضابطا يحد علاقة الحاكم بالمحكوم، وقيم العدل والحرية وكرامة الإنسان مبادئ يؤمن الجميع ويحرصون على تطبيقها.

ISSN: 1021-6863

عناصر مشابهة