المستخلص: |
أخذت الحركات عامة وظاهرة الإعراب بخاصة في اللغة العربية اهتماما كبيرا في الدراسات اللغوية على اختلاف أبوابها: النحوية، والصرفية، والمعجمية، والصوتية؛ فالحركات موضع اهتمام من حيث هي حركات بناء تمنع التقاء السواكن، ومن حيث هي حركات إعرابية تلازم أواخر الكلم تبعا لموقع الكلمة. لقد وجدت هذه الظاهرة اللغوية الاهتمام من منطلق قيمتها الوظيفية في بنية الكلمة: نحويا، وصرفيا، ومعجميا، وصوتيا مما جعل حضور الحركات والحديث عنها يمثل ركنا رئيسا في الدراسات اللغوية، ومهما وقع من خلافات بين العلماء إلا أنها خلافات في الفروع وليست في الأصول؛ فقد يختلف في بناء كلمة، أو جواز حركتها على غير وجه، وقد يقع اختلاف الأبنية باختلاف اللهجات لكنه اختلاف لا ينطوي على طعن في أصول الآراء اللغوية أو ردها. أما المنطلق الثاني الذي أخذت الحركات قيمتها منه فهو الخلاف في الأصول والطعن فيها؛ وهذا يتمثل في رأي قطرب (محمد بن المستنير ت 206هـ) الذي يرى أن الكلام لم يعرب للدلالة على المعاني، بل جيء بالحركات للفصل بين الحروف والكلمات؛ لأن الفصل بين الكلمات بالوقف والسكون قد يؤدي إلى البطء في درج الكلام، ومع أن صاحب هذا الرأي قد تتلمذ على سيبويه إلا أنه قد خرج على المألوف، وخالف النحاة ورأيهم السائد في الحركات والإعراب، وقد شكل هذا الخروج حركة حجاج لغوي قديما وحديثا، وقد وقفت في هذه الدراسة على آراء العلماء ممن تحدثوا في رأي قطرب في الحركات وظاهرة الإعراب محاولا رصد الآراء، وبيان مضامينها، وتوجيهها في ضوء الدرس اللغوي الحديث، والمعطيات، والأدوات المتجددة ما أمكن جاعلا اهتمامي يتمحور حول تطور النظرة المعاصرة لتلك القضية بوصفها موروثا لغويا ما زال يمثل إشكالية.
Muhammad Ibn al-Mustanir (d. 206 AH) proposed the view that vowels were not introduced into the Arabic language for purposes of inflection or to signify meanings but, rather, in order to separate consonants. This view opened the door wide to discussion and debate, giving rise to a variety of opinions ranging from agreement to objection. In the present study, I have examined and interacted with the views of both ancient and modern scholars, though more lengthy attention is given to the views of modern scholars than those of early thinkers. This overview, which summarizes each scholar's point of view, is followed by a presentation of my own view on the issue at hand, which is indebted in particular to the views of modern scholars.
|