ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الأسرة في الوطن العربي : آفاق التحول من الأبوية الى الشراكة

المصدر: عالم الفكر
الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
المؤلف الرئيسي: عنصر، العياشي (مؤلف)
المجلد/العدد: مج 36, ع 3
محكمة: نعم
الدولة: الكويت
التاريخ الميلادي: 2008
الشهر: مارس
الصفحات: 281 - 326
ISSN: 1021-6863
رقم MD: 138458
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: HumanIndex, EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

62

حفظ في:
المستخلص: تقف العولمة وراء تحولات كبرى في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، ولعل أهم ما يميز تلك التحولات هو الانتقال من مظاهر وأنماط سلوك وممارسات وأساليب حياة ذات طابع محلي، خاضعة في اشتغالها لآليات محلية تحددها طبيعة الأنظمة والقوى الاجتماعية وأهدافها وخياراتها المرتبطة بعناصر ثقافتها وهويتها الإثنية والدينية، إلى عمليات تخضع لعقلانية كونية تتحكم فيها عوامل ومتغيرات جديدة تتجاوز تلك المحددات "التقليدية". هكذا، صارت المجتمعات، بتعبير أحد الملاحظين، "تعيش كتفا لكتف"، إشارة إلى كسر حواجز الزمان والمكان وإعادة صياغتها، وكذلك تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية بفضل لغة وثقافة الصورة والإشارة. وقد أدى ذلك إلى تكثيف درجة التفاعل، والتبادل والتأثير فيما بين المجتمعات والثقافات لمستوى لم تبلغه من قبل، مما جعل الفضاءات الثقافية لكثير من المجتمعات تزخر بعناصر ومحددات ذات طبيعة كونية، بفعل عملية التنميط الثقافي والسلوكي واستبطان المنظومات القيمية الجديدة. كل ذلك ساعد على تشكيل ثقافات متماثلة، وإن لم تكن بالضرورة متجاورة في الزمان والمكان. إن مصاحبات العولمة "يجري امتصاصها ويعاد إنتاجها" بشكل غير مباشر لا يخلو من كثير من التعديل والتحوير على عناصرها ومكوناتها الأساسية. وهو ما يطلق عليه البعض صراحة عبارة "توطين العولمة"، حيث تعمل المنظومة الثقافية المحلية على إعادة تشكيل نفسها في مواجهة التأثيرات الخارجية. وقد يأخذ ذلك صيغا متنوعة منها؛ إعادة ترتيب أو إعادة تركيب العناصر الثقافية، أو إعادة إنتاجها في صيغ جديدة، وغالبا ما يحدث ذلك في شكل دمج إبداعي بين عناصر ثقافية. خارجية وعناصر ثقافية محلية، مما ينتج نموذجا توليفيا يحقق المتطلبات الداخلية للمنظومة الثقافية ويستوعب تأثيرات المفاعيل الخارجية. وتبدو الأسرة في المجتمعات العربية اليوم في زمن العولمة والتحولات البنيوية الكبرى كأنها في مفترق الطرق، حيث تتزايد الضغوط والإكراهات الخارجية من جهة، والتحديات والرهانات الداخلية من جهة ثانية. ولعل أهم ما تخلص إليه هذه الورقة هو التنويه بمحاولات التحليل والتفكير النقدي الجارية اليوم حول هذا الموضوع الحيوي، وبضرورة المزيد من الدراسات والأبحاث العلمية حول سيرورة التحولات التي تعيشها المجتمعات العربية عموما، ومؤسسة الأسرة خصوصا. لعل ذلك يسمح لنا بفهم وتفسير الأولويات الأساسية وراء تلك التحولات، وتوضيح مساراتها والعوامل المؤثرة فيها، ومن ثم تقدير المصاحبات والآثار التي رافقتها، وصولا إلى استشراف آفاقها المستقبلية. من أجل تحقيق ذلك، سوف يكون من الضروري اعتماد تصور نظري بديل، تصور كلي وشمولي ينطلق من التحولات الجارية في الكلية الاجتماعية، ويرصد الارتباطات والتأثيرات الموجودة بين المستويات المختلفة، المستوى الاقتصادي (عولمة السوق وأولويات اشتغالها على المستوى العالمي والمحلي)، والمستوى الاجتماعي (الارتباطات بين الأجهزة الأيديولوجية مثل الأسرة، المدرسة، منظومات الاتصال، الدين، تنظيمات المجتمع المدني...). والمستوى السياسي (ديناميكية تشكيل القوى السياسية، فرص التفاوض على فتح الحقل السياسي للممارسة الديموقراطية، تكوين ثقافة سياسية تعددية، التداول السلمي للسلطة، وإرساء قواعد الشفافية والحكم الراشد). وتبقى النقطة الحاسمة، باعتقادنا، هي الانتباه إلى الصفة المميزة للتشكيلات الاجتماعية العربية، كونها تشكيلات غير مكتملة وغير ناضجة، تتسم بتمفصل وتقاطع أو تعايش عدة أنماط ونماذج من العلاقات وأشكال التنظيم، تنتمي إلى تشكيلات تاريخية متفاوتة، قبل الرأسمالية القائمة على المتحدات الاجتماعية (القبيلة، العشيرة، العائلة الممتدة) ومنها الرأسمالية (القائمة على الطبقات الاجتماعية، التراتب المهني، تنظيمات المجتمع المدني، والأسرة الأولية)، والآن كيانات العولمة (الانتماء لتكتلات اجتماعية فوق وطنية مثل الشركات العابرة للأوطان وتشكيل طبقات عالمية من رجال الأعمال، وحتى المواطن العالمي من خلال تطبيق الشرعة الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وحق التدخل باسمها كما يجري في عدة مواقع من العالم اليوم. في الواقع، لا يسعنا في النهاية سوى الاتفاق مع الطاهر لبيب، الذي يرى أن تجاوز أوجه القصور التي تعاني منها دراسات الأسرة في البلاد العربية يستدعي عددا من الخطوات المترابطة والمتكاملة: "أولا، تحديد البنية الأسرية والبنية الاجتماعية المدروستين. وثانيا، البحث في طبيعة العلاقة بينهما، مع عدم التسليم مسبقا بأنها علاقة تأثير سببي. وثالثا، النظر تحليليا وتفسيريا إلى البنيتين، وبالتالي إلى العلاقة بينهما على أنهما متغيران باستمرار"، ونضيف من جهتنا نقطة رابعة هي ضرورة وضع كل ذلك ضمن إطار أوسع يتجاوز ويستوعب كلا من البنية الاجتماعية والأسرة معا.

ISSN: 1021-6863
البحث عن مساعدة: 806743