المصدر: | عالم الفكر |
---|---|
الناشر: | المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب |
المؤلف الرئيسي: | شكري، محمد سلام (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج 36, ع 4 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
الكويت |
التاريخ الميلادي: |
2008
|
الشهر: | يونيو |
الصفحات: | 25 - 50 |
ISSN: |
1021-6863 |
رقم MD: | 138468 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | EcoLink, HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
مكنتنا القراءة الجاردة لتاريخية تشكل المجتمع المدني وتوظيفه كمفهوم داخل أنساق نظرية مختلفة، وعبر حقول رهانات موضوعية وسوسيوتاريخية وأيديولوجية متنوعة، من الوقوف عند استنتاجات وملاحظات عديدة، نعيد تركيبها وبصيغة مكثفة في العناصر التالية: 1-غنى التوظيفات النظرية لمفهوم المجتمع المدني، بداية من فلسفات "العقد الاجتماعي" مع هوبز ولوك، انتقالا إلى هيجل وتأثيره في ماركس وجرامشي، وصولا إلى المنظومة الليبرالية التي تمنح للمفهوم دلالات ممتدة ومتعددة. لكن اللافت للنظر، عبر تاريخية توظيف هذا المفهوم، هو قوة حضور التصور الهيجلي، حيث المجتمع المدني (المرتبط بالأسرة والتجمع المهني) يظل في تقابل مع الدولة، بل خادما لها، وذلك وفاء لنزعة فلسفية موضعت كل الفعاليات والتجليات الثقافية الإبداعية والسياسية في خدمة دولة بروسيا لكونها راعية لـ "الفكرة المطلقة". 2-تحقق انتقال توظيف مفهوم المجتمع المدني إلى المجال العربي ضمن سياق غياب الديموقراطية، في تمايز عن التجربة التاريخية بالغرب، حيث التعالق العضوي قائم نظرية وممارسة بين الديموقراطية والمجتمع المدني. لقد كانت الرغبة في تجاوز التأخر التاريخي بكل ملحقاته وعناوينه الفرعية من استبداد، أمية، تخلف...إلخ، هي الحاضرة والموجهة للتفكير في المجتمع المدني والعمل من أجل تشييده. لذلك كان مفهوم المجتمع المدني يعبر، بالنسبة إلى مستعمليه من المثقفين والسياسيين العرب في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، عن حاجة أيديولوجية مكثفة في شعار من بين شعارات أخرى، أكثر مما هو معبر عن حاجة موضوعية متبلورة وسط فئات اجتماعية عريضة. 3-بروز قوة ارتباط المجتمع المدني والدولة في النظرية والممارسة بالبلاد الغربية، ارتباطا بما تأكد من تلازم الديموقراطية والمجتمع المدني، فحتى في التصور الهيجلي، الذي يبدو فيه المجتمع المدني ظاهرا تابعا للدولة، فإن هذه تحل في الأول لتعبر عن روحه وجوهره، وتكون حاضرة داخل تنظيماته الحيوية (الأسرة). عكس تجربة الغرب، طرحت الأدبيات السياسية العربية، ومعها كتابات العديد من المثقفين العرب، علاقة المجتمع المدني بالدولة وكأنها علاقة تضاد، تناحر ومواجهة، وليست علاقة تكاملية جدلية، حيث المجتمع المدني ليس إلا تجريدا نظريا يحدد علاقة الخاص بالعام والاجتماعي بالسياسي. من هنا تكون الدعوة إلى قراءة سوسيولوجية وأنثروبولوجية متعددة، ترصد ميدانيا أشكال قيام أو استعصاء تشكل مجتمع مدني في هذا السياق أو ذاك، دعوة مشروعة وملحة. 4-إذا كان المجتمع المدني متعالقا، وبقوة، مع الديموقراطية (التعددية)، يرتبط وجوده بوجود الدولة (المؤسسة العليا المدبرة لحركية مؤسسات متعددة اجتماعيا)، ويحتاج إلى رصد ميداني وقراءات سوسيولوجية مختلفة، وفق السياقات التاريخية للمجتمعات المقروءة، فإن التفكير في المجتمع المدني بصيغة التعميم هو تفكير "ماهوي" عقيم، فلا يصح توظيف المجتمع المدني إلا بصيغة التعدد وفق هيمنة مكون سياسي، نقابي، ثقافي أو جمعوي في هذه التجربة أو تلك، مع هجرة لمنطق "الخصوصانية" ولمنطق "العمومانية" أيضا. في عصر العولمة، بما تحمل إيجابا وسلبا، أصبح المجتمع المدني معولما، حيث تشكلت وتعددت التنظيمات فوق- الوطنية المناهضة للآثار السلبية للعولمة، كما مكنت مظاهر العولمة، خصوصا تكنولوجيا الاتصال والإعلام، من خلق قنوات وتجمعات مدنية جديدة، تحتاج إلى تمتين أساليب عملها وتفكيرها في قضايا البيئة، حقوق الإنسان، المرأة، الهجرة، الأمية، علاقة الشمال/ الجنوب... إلخ، وبذلك أصبحت النخب تتخلص من أسر الوهم الأيديولوجي للسلطة، وهم كان هو الأصل في النظر إلى المجتمع المدني بوصفه طرفا نقيضا للدولة. 5-اختلاف الخطاطات والتعريفات النظرية للمجتمع المدني، كما حددها الأوائل (هيجل، ماركس، جرامشي)، عن واقع تطوره ومجالات تنوعه سواء في القرن العشرين أو بدايات القرن الواحد والعشرين، لأن وجود مجتمعات مدنية متعددة ارتبط بوجود الديموقراطية وتطور مساراتها إما تقدما وإما تراجعا. في هذا الموضع ينبغي عدم إغفال التمايز القائم دائما بين الفكر والواقع، فإذا كانت التعريفات المكثفة لمفهوم المجتمع المدني، كما حددها الأوائل، هي تركيبات تجريدية وشمولية لواقع أوروبا الغربية طيلة القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فإن التطورات اللاحقة والتنويعات التي شملت سيرورة تشكل مجتمعات مدنية مختلفة، تلزم الباحثين في مجالات الفلسفة، والسياسة، والسوسيولوجيا، بصياغة تركيبات نظرية شمولية جديدة تستجمع الوقائع الجديدة للمجتمعات المدنية طيلة القرن العشرين وأوائل القرن الحالي. 6-نعتبر أن المجتمع المدني أصبح اليوم مجتمعا معولما ومفتوحا، وهو ليس بالمجتمع المدني بدلالاته "السياسية"، كما تكرست ضمن إشكالية العلاقة بين المجتمع المدني والسلطة (التغيير، الثورة) كإشكالية ميزت منظومة الفكر اليساري. نؤكد أن المجتمع المدني اليوم هو حصيلة اشتغال فاعلين متعددين في مجالات متعددة، ثقافية، سياسية، اقتصادية، بيئية، نسائية وخيرية. المجتمع المدني راهنا هو حقل مفتوح لممارسات اجتماعية متعددة، لاكتشاف أصناف مختلفة ومتمايزة من الفعل الاجتماعي المدني الذي يتمايز عن الفعل السياسي دون أن يتناقض معه. |
---|---|
ISSN: |
1021-6863 |