المستخلص: |
يتصدر خطاب الكراهية مختلف المنصات الإعلامية والسياسية، ويسري لبعض المدونات الحقوقية، بعدما شاعت المفردة وتصعدت عقيب الحرب العالمية الثانية، وذلك في النقاش حول الحقوق المدنية والسياسية، والتي استلهمتها الأقليات التي تبغي التمتع بحقوقها الثقافية، كما ولجت للمتداول فيما عرف بالعداء للسامية من قبل التجمعات اليهودية، وأخيرا حلت بقوة في مواجهة حركات اليمين وجماعات العنف والرفض، لتجد لها موقعا مكينا في عديد الدساتير والقوانين. ومن المعلوم أن سياق رفض خطاب الكراهية وتحريمه أو تجريمه وتقنينه في بعض الدول الغربية يعود إلى سياق تاريخي خاص بهذه الدول التي كابدت الأضرار الفادحة لخطاب الكراهية الديني بين الطوائف المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية، وبين قوميات وأعراق هذه المجموعات البشرية التي عرفت حروبا مدمرة من أيام نابليون حتى الحرب العالمية الثانية، وبالتالي فالموضوع له جذوره المتعلقة بالتسامح مع المخالف، وهي ذات حمولة فلسفية قائمة على النسبية، ومرجعها التطاحن الديني الذي عاشته أوروبا سلفا. وللإسلام قولته الداعية للسلم والتعاون بين ساكنة الأرض ما احترموا الحقوق وتداعوا للنصفة والعدل، وبهذا فالبحث يهدف إلى التأصيل للخطاب الإسلامي الرشيد داخل المجتمع المسلم بالأصالة، وما يحتويه من صنوف المخالفين في الدين من المسالمين الراضين بحكمه، ويحاول الكشف عن الرؤية التي ينطلق منها هذا الخطاب المتناغم مع الفطرة، ويبين أسسه التشريعية، ويستدعي تطبيقاته من داخل النصوص المعصومة والسيرة الهادية، كما يستثمر التراكم المعرفي في هذا المضمار من أجل محاكمة عادلة الموجهات الخطاب الكريه والعنيف الذي يجتاح بعض ديارنا، والذي كانت له آثاره المشينة في شلال الدم الهادر الذي شوه صورة الحنفية السمحاء، مما جعل الأجدرية بمقام الأمة الوسط الشاهدة تتراجع أمام غيرها. وكل هذا يجعل رفع الصوت بإنكار منكرات خطاب الكراهية الذي يهدم المجتمعات من الأولوية بمكان، فكم ذهبت شعوب في أتون الحرب الأهلية نتيجة إغماض النصيحة عن ولوج أبواب الفتن التي تبدأ بالخطاب المشين.
|