المستخلص: |
ترتبط مفاهيم القانون والقضاء والعدالة بأكثر من رابطة، فالعلاقة بينها وطيدة ومتلازمة، وكل مفهوم يعضد الآخر ويتكامل معه في المعاني والدلالات، والوظائف والأبعاد؛ ولئن أحالت العدالة منذ القديم على المنظومة الفلسفية والقيمية للمجتمعات، فإن القانون والقضاء يرمزان إلى التنظيم، والضبط، والحكم على التصرفات والأفعال الفردية والجماعية، التي من شأنها احترام العدالة وضمان تحققها في الواقع، أو الإخلال بها، وإعاقة إشاعتها في جسم المجتمع ومؤسسات الدولة، لذلك تبدو الصلة تلازمية وطردية بين المفاهيم الثلاثة أعلاه؛ فالدستور باعتباره أسمى قانون لضبط النظام في الدولة، يساهم في توفير شروط تحقق العدالة وسريان مفعولها، والقضاء بحسبه أداة لضبط القانون وفرض احترام تطبيقه، ييسر للناس الشعور بالاطمئنان على حقوقهم وحرياتهم، أي يولد لديهم الثقة في وجود العدالة في حياتهم السياسية والمدنية؛ بيد أن التلازم بين القانون والقضاء والعدالة، لا يمنع من الإقرار منهجيا بوجود فصل إجرائي بين المفاهيم الثلاثة، يخول القضاء منزلة التوسط بين القانون والعدالة، ويكسبه بالضرورة دورا مفصليا في إدراك العدالة من عدمها؛ وذلك على اعتبار أن العدالة تعد عماد سلطة الدولة. وأساس الديمقراطية التي تحمي الحقوق والحريات، وتضمن سمو القانون وتوطيد دولة الحق؛ وتبعا لذلك فإن العنصر الذي يتحكم في الثقة التي يوليها المواطنون والشركاء الأجانب لنظام حكم معين، ويساهم بشكل فعلي في التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هو الإحساس بالأمن والاعتقاد الراسخ بأن القانون يطبق على الجميع؛ أي أن سيادة القانون هي الأساس في تطبيق العدالة، إذ يقف كل الناس أمامه ويخضعون لأحكامه، ولا فرق بين إنسان وآخر، لأن القانون هو مجموع القواعد التي تسنها الدولة من أجل تنظيم شؤون البلاد وتسييرها، ووضع النظم والضوابط التي تطبق على جميع الأشخاص في علاقاتهم الاجتماعية. وفي علاقاتهم مع الدولة وتنظيم الأمور المدنية والتجارية والجزائية، ولتطبيق هذا القانون، نجد القاضي الذي يعتبر الأساس الركين والممثل الأسمى للعدالة. وتأسيسا على أهمية العدالة داخل النسيج المجتمعي والقضائي، جاءت الوثيقة الدستورية المستفتي بشأنها بتاريخ فاتح يوليوز 2011 لتشكل الولادة التاريخية للسلطة القضائية المغربية، ذلك أن المغرب بعد أن عمل جاهدا من أجل تطوير القضاء ليضطلع بالمهام المنوطة به وفق الرؤية المعبر عنها سواء من قبل جلالة الملك أو من قبل جميع الجهات الأخرى التي عنيت بالسلطة القضائية وضرورة تطويرها، من هيئات ومنظمات حقوقية وفعاليات المجتمع المدني، وكذا من طرف بعض الأفراد الغيورين على استقلال السلطة القضائية، ولا ننسى في هذا الصدد المجهودات الجبارة التي تكلفت الودادية الحسنية للقضاة بالقيام بها من أجل تعزيز مكانة القضاء في البناء المجتمعي وبناء دولة الحق والقانون، وهو ما أكده عليه صاحب الجلالة في الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 9 مارس 2011، الذي أعلن فيه عن إجراء إصلاح دستوري شامل.
Based on the fact that law is one of the fundamental institutions in human social life, because it plays an effective and pivotal role in developing societies intellectually and practically, and helps civilize human society and develop civilization, social development has always been linked to the development of legal rules, and it has also been linked to the existence of an apparatus that makes implementing these The rules are effective and sound. Consequently, there is always a dialectical relationship between the law and the rights and freedom of the citizen, as the most sensitive matters in the contemporary state revolve around the procedures that can be followed to preserve these rights and freedoms, because it is possible that the law and applied means can be used as tools of tyranny, and they can also be used to preserve On rights and to preserve freedoms. Modern societies have become aware of the importance of striving to establish the principles of justice and the rule of law that move away from tyranny and the monopolization of decisions. Since the Age of Enlightenment, the focus began on establishing the principles of justice by moving away from the centralization of power in society, so that roles are distributed and integrated. This was the emergence of the principle of separation of powers, which was crystallized starting from From the seventeenth century until the present day, the judiciary has emerged as one of the basic authorities for preserving the freedom and rights of individuals by establishing the rule of law. This is what was enshrined in the new Moroccan constitution in Chapter 107, where it stated that the judicial authority is independent of the legislative authority and the executive authority, because it is responsible for applying the law and achieving justice. In return, the constitution stipulates the rights of litigants and the rules of the administration of justice, including the right to Suing the administration, the right to a fair trial, considering innocence as the basis, and the necessity of justifying the rulings and issuing them in public sessions, and within a reasonable time, provided that the rulings, if they become final, are binding on everyone, while recognizing the right of every one harmed by a judicial error. To obtain compensation borne by the state. For this reason, the constitutional and legal rules gave the criminal judge broad discretion; This is for the sake of fair application of the law, but in return this authority was framed by a set of objective controls (the first section), which will reflect on the limited authority of the criminal judge in the fair application of the law (the second section).
|