| المستخلص: |
تشكل المؤسسات السجنية بحكم فضائها المنغلق المرتع الخصب لاستقطاب العناصر المتطرفة. فلم تعد المؤسسة السجنية ذلك الفضاء لقضاء العقوبة فحسب، بل أصبح مستنبتا يتعرض فيه النزلاء للاستقطاب والتجنيد من قبل عناصر أو مجموعات متطرفة. ففي بلجيكا تحولت مؤسساتها السجنية إلى مدرسة لتفريخ المتطرفين، إذ برزت في العقود الأخيرة مع الحركات الإسلامية المتطرفة ظاهرة مرتبطة بتحويل المؤسسات السجنية إلى مرتع ومستنبت للمتطرفين الإسلاميين الذين يتبنون اللجوء إلى العنف. فعلى سبيل المثال قضى المتورطون في هجمات بروكسيل فترات متفاوتة وراء القضبان لارتكابهم جرائم جنائية، مثل السرقة أو الاتجار بالمخدرات، غير أنهم التحقوا بدائرة التشدد الديني داخل السجن بتأطير من وعاظ وأئمة عملوا على إذكاء العزيمة والإصرار على النزوع إلى العنف والانتقام. وترتكز صناعة التطرف والإرهاب داخل الفضاء السجنى ببلجيكا من قبيل التنظيمات المتطرفة والجماعات الجهادية ك "جماعة الشريعة من أجل بلجيكا" على ظروف السجن والسجناء، أكثر من التركيز على الأيديولوجية لكسب مقاتلين وأنصار جدد. وتستغل أساسا عوامل القهر والحرمان لدى السجناء، كما تستغل كذلك مشكل الاكتظاظ وضعف المراقبة وحاجة النزلاء للحماية المادية والأمنية، بل أخطر من ذلك، فالجماعات المتطرفة تركز على العوامل الجنسية والنفسية لدى السجناء، من خلال استغلال عاطفة الشباب من السجناء لأن أفئدتهم في الغالب تكون جريحة متوهجة ترنو إلى الانعتاق وإلى إثبات الذات في العالم الخارجي. فالحكومة البلجيكية وضعت مجموعة من الإجراءات والتدابير لمكافحة التطرف والراديكالية داخل المؤسسات السجنية، كاعتمادها "الخطة الوطنية لمكافحة التطرف داخل السجون"، وإحداثها منظمة "داير ديانت" التي تركز على تفكيك الإيديولوجية المتطرفة لدى كل السجناء المتطرفين داخل السجون البلجيكية. وتبنيها إجراءات أخرى من قبيل تخفيف العقوبات وطرق التحقيق والتسهيل من تخفيف العقوبات أو المناصحة، فرغم ذلك تبقى هذه الإجراءات تشوبها مجموعة من الاختلالات وتحدها مجموعة من النواقص، مما يفرض على الحكومة البلجيكية أن تعمل على صياغة سياسة متكاملة وشمولية، تركز أساسا على برامج الكشف المسبق والوقاية وبرامج الإدماج.
|
