المستخلص: |
ترمي هذه الدراسة إلى تعقب السياسات الاقتصادية الاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي في القدس عبر ثلاث فترات: الأولى بعد حرب العام 1967 وحتى العام 2001، والتي أرسيت وطبقت فيها سياسات التفريغ، وإلحاق الباقين بالاقتصاد والمؤسسات الإسرائيلية، وفصلهم عن فلسطين مجتمعا واقتصادا، وإنشاء مجتمع فوق مجتمع، واقتصاد محل اقتصاد. وبعكس الدراسات التي تفيد، وكأن السياسات الاجتماعية والاقتصادية، تمثل ممارسات جديدة من الاحتلال، تعود إلى العقد الأخير، تبين الورقة أن الإجراءات التي اتخذت بعد حرب العام 1967 من قبل الاحتلال، كانت حاسمةً في إرساء هذه السياسات، وذلك استكمالا لتركيز كتابات أخرى جادة حول ممارسة هذه السياسات في العقد الأخير، ومنها دراسات عزم 2018 و2019، ومحفوظ 2019. الفترة الثانية تمثلت بالانتقال من التفريغ والإلحاق إلى دمج القدس الشرقية في هامش اقتصاد إسرائيل، مع استمرار التفريغ، وذلك منذ العام 2001، حين بوشر ببناء الجدار، وأغلقت المؤسسات الفلسطينية في القدس، وفي هذه المرحلة، تم التركيز على الدمج الاقتصادي للياقات البيضاء والزرقاء الفلسطينية، في المواقع الدنيا من سوق العمل الإسرائيلي، وسوق المستعمرات الناشئ. فيما تم التركيز على إنهاء التفاوت بين معيشة المستعمرين، في القدس الشرقية، وبين الإسرائيليين داخل إسرائيل، في وقت تم فيه الاستمرار في ممارسة سياسات اجتماعية مزدوجة ضد الفلسطينيين، تشمل التفريغ من خلال سحب الهويات، وإخضاع الباقين للمؤسسات الإسرائيلية، ومحاولة تشويه هويتهم الوطنية، وآثارة وهم نشوء هوية مقدسية منفصلة عن فلسطينيتها لدى بعضهم. مهدت الفترة الثانية للثالثة؛ بالانتقال من سياسات الدمج، في الهامش، إلى الحسم، بأحد شكلين، تناقش الورقة تقاطعاتهما واختلافاتهما: الأول استمر في سياسات الهندسة الاقتصادية والاجتماعية، ولكنه اشترط للحسم أن ينتقل الفلسطينيون المقدسيون من واقع التعايش داخل القدس، إلى إعلان الالتزام بالولاء للدولة وسياساتها. والثاني يرى أن الوسائل الاقتصادية الاجتماعية المعتمدة من الحكومات السابقة، لم تؤت ثمارها في تطويع الفلسطينيين الذين بقوا غير موالين لإسرائيل، حتى لو أظهروا ذلك، لذا، يتبنى هذا الاتجاه فكرة أن الطريق الوحيد مع الفلسطينيين، هي فرض الخضوع عليهم للحكم الإسرائيلي بالقوة، وسحق مطالبهم الوطنية، وتشغيل من يقبل ذلك، كإجراء في القطاعات الدنيا من الاقتصاد الإسرائيلي، ومن يرفض، عليه مغادرة البلاد، أو أن يعلن القتال، ويقتل كما تنص عليها خطة بايبس وسموتريتش الأوسع التي تشمل كل الفلسطينيين، وليس المقدسيين منهم وحسب، وتكتسب الورقة راهنيتها من واقع ما تتم ممارسته، خلال السنوات الأخيرة، من سياسات اجتماعية اقتصادية سافرة من الاحتلال في القدس. في النهاية، تناقش الورقة الردود الفلسطينية على السياسات الإسرائيلية هذه، وتحاول أن تستشرف المستقبل، في ضوء حاصل ما يجري من ممارسات على الأرض.
|