المستخلص: |
تعد المياه أهم الموارد الطبيعية في الدول ذات المناخات الصحراوية وشبه الصحراوية كالعراق، لأنها تتحكم بتوزيع السكان ونشاطاتهم الاقتصادية وبخاصة الزراعة. وهي بذلك أهم مرتكزات الأمن الغذائي والأمن الوطني. إن تفاقم مشكلات المياه وتزايد الطلب عليها، ناتج عن النمو السكاني وتزايد متطلبات التنمية الاقتصادية. من خلال دراسة واقع المياه في العراق تبين أن الموارد المائية في العراق تواجه ثلاث مشكلات رئيسة: المشكلة الأولى: هي تناقص الإيراد المائي السنوي بسبب التغيرات المناخية السلبية للمناخ العالمي في المناطق المدارية والمعتدلة الدافئة التي ستشهد مزيدا من الجفاف وشحة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة واشتداد التبخر الذي يؤدي إلى قلة الأمطار الفعالة ويزيد من الهدر الماني في الزراعة. المشكلة الثانية: فهي ارتفاع نسب التلوث بالمواد الكيماوية والفيزياوية والبكتريولوجية بحدود فاقت المحددات والمعايير الرسمية التي وضعتها الدولة العراقية. بالتلوث الكبير الذي تواجهه مصادر المياه في العراق، بسبب رمي المخلفات السائلة للمدن والمصانع في مجاري الأنهار، فضلا على ما تسببه عملية تصريف مياه البزل الملوثة بالمواد الكيميائية والمبيدات والسموم القادمة من دول الجوار أو من المشاريع المحلية في العراق مما يشكل خطرا إنسانياً وبيئياً كبيراً على الكائنات الحية بكل أنواعها.
المشكلة الثالثة: فتمثلت بالمشاكل السياسية والجيوبولتيكية التي يمكن أن تحدد المصادر المائية العراقية إذا ما وظفت هذا التوجهات لخلق صراع حول المياه في عموم الشرق الأوسط. فالجغرافية السياسية تدفع باتجاه بناء علاقات مكانية وإقليمية ودولية قوية بين دول الحوض لأنها تشكل تكاملا وتنوعا حيويا في مجالات المياه والزراعة والطاقة. تشجع باتجاه بناء التكتلات الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تخدم دول المنطقة. أما التوظيف الجيوبولتيكي للواقع الجغرافي فحتما سيؤدي إلى التوتر والصراع وربما الحرب التي لا تخدم أحداً. فشحة المياه بسبب الظروف المناخية وتزايد عدد السكان في العراق وفي دول الجوار التي ينبع منها نهرا دجلة والفرات وروافدهما، حاجة هذه الدول خاصة إلى مزيد من المياه بسبب التنمية الاقتصادية فيها جعل بعضها يضرب القانون الدولي الخاص بتقسيم مياه الأنهار الدولية عرض الحائط كما فعلت تركيا. أن المشكلات أعلاه ربما ستؤدي إلى مزيد من الصراع والتوتر في منطقة الشرق الأوسط وبخاصة بين العراق وتركيا وإيران وسوريا، ولهذا لابد من بناء علاقات دولية وتعاون إنماني اقتصادي في مجال الزراعة والطاقة والسياحة والصناعة أن هذه المشاكل متداخلة ومعقدة وتحتاج إلى جهود جبارة واستثنائية لمعالجتها والحد من آثارها الخطيرة انطلاقا من كل ما سبق. فرضية البحث: أن المشكلات أعلاه ربما ستؤدي إلى مزيد من الصراع والتوتر في منطقة الشرق الأوسط وبخاصة بين العراق وتركيا وإيران وسوريا، ولهذا لابد من بناء علاقات دولية وتعاون إنماني اقتصادي في مجال الزراعة والطاقة والسياحة والصناعة وفي جميع المجالات الآخر بين هذه الدول، لان بناء علاقات متينة مبنية على المصالح المتبادلة يقلل التوتر ويؤدي إلى مزيد من التنسيق والتعاون. وبما أن هذا الحل يخضع لإرادة الدول الآخر والتي يصعب التحكم بها. يبقى الحل في إدارة الموارد المائية بشكل كفوء من خلال استخدام طرق الري الحديثة ومواجهة مخاطر التلوث، وردع الجهات المسببة لهذه المشكلة بإجراءات قانونية وتنفيذية تضمن محاسبة المسببين للتلوث. أن الأبعاد المستقبلية لمشكلة المياه في العراق ستكون وخيمة وخطيرة. فالتهديد الخارجي والمتمثل بالمشاريع التركية في جنوب شرق تركيا على منابع دجلة والفرات، ينفذ بشكل تدريجي وبدأت مراحل تنفيذها تترك آثارها الكبيرة على تصاريف نهر الفرات، والآن جاء دور نهر دجلة بعد البدء بتنفيذ مشروع سد أليسو ((إلى صو)). الذي سيحجز نحو 9.7 مليارم 3 من مياه دجلة القادمة من تركيا. أن هذا الاتجاه التركي لم يراع القانون الدولي في تقسيم مياه نهري دجلة والفرات. الذي يفرض على تركيا التنسيق الشامل والتفصيلي مع العراق وسوريا في كل ما من شانه أن يؤثر على إيرادات نهري دجلة والفرات. وبما لا يلحق الضرر بالدول المشتركة بمياه النهرين. وهذا يتطلب بناء علاقات دولية حسنة مع دول المنبع وبخاصة تركيا، وينبغي أن تكون هذه العلاقات مبنية على أسس متينة، فتركيا بحاجة إلى الطاقة ونحن نمتلكها وتركيا لديها المياه ومصادر الغذاء ونحن نحتاج بعضها، والمهم هو بناء علاقات مبنية على مصالح مشتركة.
|