المستخلص: |
أن العقوبة قديمة قدم المجتمعات ولا يمكن إرجاعها إلى تاريخ معين لأنها مرتبطة بالجريمة وكانت في بداية نشأتها كانت تتصف بالشراسة والانتقام الاجتماعي من المجرم وكانت القوة هي التي تنشئ الحق وتحميه وكانت تتميز بسلطة التأديب التي كانت مقررة لرئيس مجتمع العشيرة أو القبيلة على اعتبار أنه رب الأسرة حين حدوث خطأ من أحد أفراد القبيلة أو العشيرة ونظرا لنمو فكرة المصالح أدى ذلك إلى تعدد الأفعال التي توصف بالخيانة وفى حالة انتماء الجاني والمجنى عليه إلى عائلتين مختلفتين كانن يؤدى ذلك إلى حرب بين القبائل أو العشائر والقبائل كانت عبارة عن مجموعة من العشائر وكانت العقوبات تأخذ صور بشعة للعقاب كتمزيق الجسم عن طريق أربعة خيول ويتم ربط كل طرف من أطرافه بالخيول الأربعة والغلي في الزيت وبعد ذلك اتصفت الجريمة بالطابع الديني في العصور الوسطى مع انتشار المسيحية وإشاعة مبادئ الرحمة مما أدى إلى التخفيف من قسوة العقوبة وتم إلغاء عقوبة الإعدام في بعض التشريعات مما أدى إلى التسامي من أغراض العقوبة مما جعل منه نظاما هادفا للتأهيل الديني باعتبارها تؤدى إلى التوبة، ثم تطورت العقوبة في العصر الحديث عن طريق ظهور المذاهب الفلسفية ونشأت المدرسة التقليدية على يد العلامة الإيطالي سيذاري بكاريا وقد نادى بالتناسب بين الضر الناشئ عن الجريمة والعقوبة وتم مهاجمة قسوة العقوبات وإلغاء وسائل التعذيب وقر انه يجب أن تذداذ العقوبة بزيادة الجريمة ضررا بالصالح العام وقد أخذ على هذه الأفكار أنها أغفلت شخص المجرم وعوامل انحرافه ورفضها الأخذ بالمسئولية المخففة والمساواة المطلقة بين مرتكبي نفس الجريمة وقررت مبدأ العقوبات الثابتة، ثم ظهرت المدرسة التقليدية الجديدة وكان على رأسها الوزير والفقيه جيزوي مؤلفه عن عقوبة الإعدام في الجرائم السياسية وقد نادت بمبدأ تفاوت العقوبات وجعلت العقوبة بين حدين حتى يكون للقاضي سلطة تقديرية يستخدمها حسب ظروف الجريمة ومرتكبيها وقد لفتت هذه المدرسة الأذهان إلى أن الجناة قد يرتكبون جرائمهم تحت تأثيرات نفسية وبيولجية واجتماعية متنوعة تؤثر في الجانب الشخصي للمسئولية الجنائية. ثم جاء بعد ذلك المدرسة الوضعية الإيطالية على يد سيذار لومبروزو والعالم الجنائي والاجتماعي أنريكو فرى والقاضي والفقيه رفايل جاروفالو وتؤمن هذه المدرسة أن الإنسان المجرم ليس حرا في تصرفاته بل هو مسير شأن الإنسانية بأسرها وقد أكدت دراسات لومبيروزو أن هناك أفراد يدفعهم إلى الجريمة شذوذ تشريحي بيولوجي مصدرة عيب وراثي وتم تقسيم المجريمين إلى ثلاث فئات المجرم بالصدفة والمجرم بالعاطفة والمجرم بالعادة، والبعض فسر الحتمية (الجبرية) بعوامل خارجية محيطة بالفرد طبيعية وبيئية وتكوينية ففي وسط معين ومع ظروف معينة يتحقق عدد محدد من الجرائم لا يذيد ولا ينقص وبالتالي تم استبعاد المسئولية الأخلاقية لان أساسها حرية الاختيار . ثم بعد ذلك جاءت حركة الدفاع الاجتماعي على يد العلامة الإيطالي فليبو جرامتيكا والمستشار الفرنسي مارك انسل وتم تفير الجريمة على أن القائم بها لا اجتماعي وبدأ الاهتمام بشخص المجرم الذي بعرف انه شخص مضاد للمجتمع وبالتالي ينبغي إخضاعه لتدابير الدفاع الاجتماعي حتى يعود مرة أخرى إلى حظيرة المجتمع.
|