المستخلص: |
مما سبق يتبين انه لا يجوز ان يقال: إن خصلة الفقر افصل من خصلة الغنى أو العكس، لأنهما محنتان وفتنتان، كما قال ربنا سبحانه: " وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً"(الأنبياء: ٣٥)، كما أن الناس ليسوا سواء في مواجهة تلك الفتنتين، وقد ظهر ذلك جليا في كتاب ربنا حين قال: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (الروم: ٣٣)، فذلك فريق لا يعرف ربه ولا يدعوه منيبا متضرعا إلا إذا كسر ظهره في فقر ومصيبة، فإن جاءته النعمة اشرك. وهناك فريق بخلاف ذلك، لا يعرف ربه إلا مع الغنى والنعمة، ويكون الفقر فتنة له وسقوطا، كما قال تعالى: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" (الحج:11)، وعليه لا نعلم أيكون الفقر سببا للتفضيل والنجاة والسبق إلى الجنة كمن اتقى أم الغنى، علم ذلك عند ربي، والسعيد من جنب الفتن، غنيا كان أو فقيرا.
|