520 |
|
|
|a بهذا العرض لتاريخ الإسلام والمسلمين بالجنوب الأفريقي, والتركيز على جمهورية جنوب أفريقيا, باعتبارها النواة الحقيقة للإسلام المنطقة, نجد أن حالة المسلمين بهذه المنطقة, تؤكد لنا حقيقة اجتماعية ثابتة, وهي عدم وجود ارتباط عضوي ضروري مباشر بين وضع الأقلية وبين الواقع الديموغرافي (الديناميات المتعلقة بحقوق السكان) بمعنى أن الكثرة أو القلة, لا تقوم عاملا ضروريا لاعتبار مجموعة عرقية أو دينية معينة أقلية أو أكثرية وإنما يحكم ذلك قوة العدد, ودرجة التنظيم الاجتماعي التي حققتها المجموعة في ظرف تاريخي محدد من وجودها, ولعل مصداق ذلك قول ذي العزة والجلال: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 249), ومن الأمثلة القريبة في ذلك, أن ما كان يعتبر أقلية في فترة الحكم العنصري في جنوب أفريقيا, أي (الزنوج) كانوا يمثلون قرابة 80% من مجموع السكان, ولكنهم – على الرغم من ذلك – كانوا يعدون أقلية مضطهدة.\ \ فالمسلمون في جنوب أفريقيا خاصة, وإن كانوا لا يتجاوزون كثيرا نسبة 2% من مجموع السكان, فإنهم أقلية معتبرة, لها وزنها وقوتها في المجتمع, وما ذلك إلا - بتوفيق من الله – ثم صبر على المكاره, وعمل دؤوب, ولعل التهديد الشرس للوجود الإسلامي بجنوب أفريقيا منذ أن حل بها المسلمون هو ما أرهف حساسيتهم لمواجهة هذا التحدي, والتعامل بحنكة مع معادلات صعبة, كالتوازن بين الاندماج وبين عدم الذوبان في الأكثرية, وحتى يبقى هذا البناء الإسلامي – الذي بناه السابقون – صامدا, فلابد من العناية به, والدعوة إليه, ولاشك أن الفرص للمسلمين في الجنوب الأفريقي متاحة, وأكبر تلك الفرص مرونة شعوب المنطقة – إن لم نقل القارة – وتقبلهم للإسلام, وتجنيد أنفسهم لخدمته والدعوة إليه.
|