المستخلص: |
نلخص بناء لما تقدم, بأن الأسرة كعنصر أو كسمة يتكون منها مجتمع البلدة قد تعرضت إلى تغيرات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية اتسمت بتغيرات ديناميكية سريعة نتيجة الاتصال الريفي الحضري والهجرة وزيادة نسبة المتعلمين ووسائل الاتصال ودخول المرأة مجال العمل إضافة للتقدم التكنولوجي والعمولة التي نقلت القرية عموما والأسرة خصوصا إلى واقع جديد نفى عنهما إلى حد ما اغلب السمات والخصائص التي كان يتمتعن بها, فأصبحتا ذات بنية وعادات وتقاليد وقيم حضرية أو مدنية تتصف بالفردية والاستقلالية في معظم المجالات المعيشية والحياتية, مما أدي لطغيان المظاهر المادية على المعنوية, بحيث جعل من القيم والعادات والتقاليد الاجتماعية غريبة على أهلها. فالتحول من الأسرة الممتدة إلى النووية كان نتيجة لاختلال أو لعدم توازن الأسس التي كانت تقوم عليها الأسرة الممتدة من حيث بناؤها وأداؤها لوظائفها, فأصبحت مفككة ولم تعد تؤلف وحدة اقتصادية واجتماعية وسكنية واحدة؛ إلا أنها وعلى الرغم من هذه التغيرات مازالت تحتفظ بقدر من تعاطف أفرادها وتعاونهم وتساندهم خصوصا في ظروف الحاجة والمرض والانتخابات البلدية والبرلمانية. إن تقصير أو عجز أحد الأبنية عن القيام بوظائفه وبدورة ينتج عنه اختلال توازن البناء الاجتماعي وبالتالي يؤدي إلى تغيير كلي لنظم الأنساق الاجتماعية ووظائفها في البناء الاجتماعي, لهذا فإن التغير الذي طرأ على البناء الأسرى في بلدة الطرة انعكس بدورة على النظام السلطوي للعشيرة وأضعف دور السلطة الأبوية داخل الأسرة وطور مفهوم العلاقات القرابية الذي حد من نطاق التعاون ووسع أفق التنافس بين أفراد المجتمع؛ ويعتبر هذا نتيجة تلقائية وطبيعية نتج عن قصور في وظائف الأسرة ولاختلال في النظم التي قامت عليها من جراء تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وفي مجمل القول نخلص إلي أن التغيرات التي طرأت علي البناء الاجتماعي لبلدة الطرة بشكل عام والأسرة بشكل خاص خلال الثلث الأخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين يشكل أثراُ بالغا في البني التحتية والفوقية للمجتمع. ومثل هذه التغيرات قد جعلت انساق ونظم المجتمع تتميز بالموضوعية والعقلانية بعدما كانت تتميز بالذاتية والانفعالية، وساهمت في تحول منزلة الفرد من وراثية إلي منزلة منجزة، وفي بعض قطاعات وأجهزة المجتمع من غير متخصصة إلي قطاعات وأجهزة متخصصة.
|