المستخلص: |
على الرغم من أن معظم البحوث وضغط الرأي العام بشأن الاستدامة تركز على أثر النشاط التنظيمي والتجاري المترتب على البيئة المادية، فإن الشركات وممارساتها الإدارية تؤثر كذلك تأثيراﹰ عميقا في الإنسان والبيئة الإجتماعية. إن هذه المقالة تستعرض بإيجاز ما كتب عن الآثار المباشرة وغير المباشرة للمنظمات وقراراتها على الناس وعلى صحة الإنسان وحياته. ومن ثم تهتم هذه المقالة ببعض التفسيرات الممكنة لتبرز السبب الذي جعل الاستدامة الإجتماعية لا يكترث لها نسبياﹰ في الكتابات الإدارية كما تهتم بوضع أجندة بحثية لدراسة الروابط التي تجمع بين الاستدامة الاجتماعية والفعالية التنظيمية، فضلاﹰ عن دور الأيديولوجية في فهم الإهمال النسبي للعامل الإنساني في مجال بحوث الاستدامة. هناك اهتمام عام وتجاري متزايد في بناء مؤسسات مستدامة، كما أن هناك اهتماماﹰ بحثياﹰ وتعليمياﹰ متزايداﹰ في موضوع الاستدامة التنظيمية. ولدى أكاديمية الإدارة قسم يسمي المنظمات والبيئة الطبيعية، وهناك العديد من المجلات والأوراق البحثية المعنية بالاستدامة البيئية. كما أن هناك أعداداﹰمتزايدة من برامج التعليم العالي التي تركز على الاستدامة, بالإضافة إلي وجود رابطة علمية للنهوض بالاستدامة في مجال التعليم العالي (انظر: فونتين,2010). وقد أشاد ماركوس وفريميث (2009) إلى أن هذا الحماس بشأن ما أسمياه"الإدارة الخضراء"جاء نتيجة لتوقعات الناس بشأن الكيفية التي ينبغي أن يدير المديرون منظماتهم وفقها بهدف حماية البيئة. كما أشار إلى ذلك إمبيك وليوني (2008, ص. 46), حيث ذكرا أن "الشركات تواجه ضغوطاﹰ متزايدة لتصبح صديقة للبيئة". وكما جاء في أدبياتها وما كتب عنها, فإن الاستدامة ترمي في جزء منها الي بذل الجهد للحفاظ على الموارد الطبيعية وتجنب الهدر فيها. إن الحفاظ والاستخدام الكفء للموارد الطبيعية يخفف من عبء النشاط الاقتصادي على البيئة، ويبدو أنه يساعد على ضمان استمرارية هذا النشاط على مدي الزمن؛ لأن الموارد المطلوبة لن تستنفد. وتشمل الاستدامة أيضاﹰ الأنشطة التي من شأنها تجديد وتدوير ما سبق استخدامه مرة أخري بهدف التأكد من أن النظام الإيكولوجي الذي يدعم الحياة ونمطها يمكن الحفاظ عليه وسيظل كذلك. وهناك جوانب أخري للاستدامة كما هو الحال بالنسبة للحفاظ على الأنواع النباتية والحيوانية المهددة, وكذلك الاستدامة الثقافية, فهي تشمل أيضاﹰ الحفاظ على القيم, والفنون, والثقافة, والأكلات "الخاصة بالمجتمعات التي تهددها العولمة والتحديث" (نافارو, 2010, ص. 20). وفي العلوم الفيزيائية, ركزت الكثير من البحوث التي أجريت على الاستدامة على مقدار الضغط الذي يمكن أن يتحمله النظام الإيكولوجي. إضافة إلى التركيز على المبادئ العامة لاستعادة التوازن الإيكولوجي. أما في الإدارة فقد تركز اهتمام البحوث على الصلات المحتملة بين الربحية والاستدامة, وكذلك العوامل التي تجعل المنظمات تتبع إستراتيجيات استدامة مختلفة (انظر على سبيل المثال: إمبيك وليوني, 2008). وعلى الرغم من أن الاستدامة يمكن أن تشمل بشكل واضح التركيز على الإنسان, فضلاﹰعن الموارد المادية, فإن أكاديمية الإدارة في قسم البيئة الطبيعية, باعتبارها تمتلك واحدة من مراكزه وهي "إدارة الموارد البشرية من أجل الاستدامة"؛ تركز على الناحية المادية بدرجة أكبر من تركيزها على البيئة الاجتماعية(1) في كل من أدبيات البحث والإجراءات والتصريحات الصادرة من الشركات. ولتوضيح هذه النقطة فقد أثبت البحث باستخدام محرك البحث جوجل سكولار Google Scholar أن هناك (800‚20) إدخال لمصطلح "الاستدامة الأيكولوجية" و(000‚53) إدخال"للاستدامة البيئية" في حين أن هناك (900‚12) إدخال فقط "للاستدامة الاجتماعية" وقدر متواضع يبلغ (569) ادخالاﹰ,"لاستدامة الإنسان". بل إن مراجعة سريعة لأدبيات الإدارة توضح بشكل فعلى أن جميع الموضوعات التي تركز على الاستدامة تهتم في المقام الأول بتأثير المنظمات على البيئة المادية مقارنة مع البيئة الاجتماعية (انظر على سبيل المثال: إمبيك وليوني, 2008؛ ماركوس وفيرميث, 2009). وحتي عندما يكون هناك اهتمام بالتأثير الاجتماعي على أنشطة المنظمات, فإن معظم هذه الاهتمامات توجه للنتائج المترتبة على التنمية الاقتصادية واستغلال الموارد من أجل الحفاظ على الثقافات المحلية (بانسال، 2002)، بدلاً من النتائج المترتبة على الممارسات الإدارية لصحة كل فرد وسعادته وثراء الحياة الاجتماعية وفقاﹰلتقييم المشاركة في النشاطات المدنية (انظر على سبيل المثال: بوتنام,2000). إن الاستدامة البيئية أمر مهم, وليس هناك شيء في هذه الورقة ينبغي أن يؤخذ على أنها توحي بغير ذلك. ومع ذلك, فإن هذا التركيز على البيئة الطبيعية يفرز أسئلة بحثية مثيرة للاهتمام: على سبيل المثال, لماذا تكون الدببة القطبية, او حتي عبوات الحليب أكثر أهمية من الناس, ليس فقط من حيث اهتمام البحوث بها, ولكن أيضاﹰباعتبارها محط اهتمام لمبادرات الشركات؟ \
|