المستخلص: |
اجتمعت عدة أسباب أدت إلى فشل العرب فى إقامة علاقات متوازنة مع إيران، تخدم ما يفترض أنه المصالح القومية العليا، وكان من بين أبرز هذه الأسباب الغياب المزمن لرؤية عربية مشتركة لمفهوم المصالح المشتركة، وانتهاج سياسات قطرية تعتمد أحيانا على تكتيكات المحاور، أو تسير خلف الؤشر الغربي، وتحديدا الأمريكي، فى التعامل مع قضايا المنطقة ودولها. ومقابل افتقاد العرب لمشروع حضاري قومي يكون من بين مرتكزاته بناء استراتيجية العلاقة مع دول الإقليم، فإن إيران حددت لنفسها مشروعا يتضمن فرض رؤيتها وبناء مرتكزات لنفوذها الإقليمي، الأمر الذي أفقد العلاقة التوازن المطلوب فى الرؤية وفي الإرادة وكذلك في القدرة، ولم يعد من الواقعي الحديث عن علاقة تشمل كلا من العرب وإيران على حد سواء، بل أن هذه العلاقة أصبحت سببا جديدا للخلافات العربية، وتكريساً لسياسات المحاور. لكن هناك شواهد قريبة تشير إلى أن العلاقات العربية – الإيرانية شهدت تقاربا خلال تسعينيات القرن الماضي، أي خلال المرحلة التى انتهجت خلالها السياسة الإيرانية في عهد حكم الإصلاحيين طريقا معتدلا غير هجومى، وهو ما يؤشر إلى أن السياسة الإيرانية تجاه المنطقة لها دور أكبر من المبادرات العربية بتحديد مؤشر العلاقات بينهما. ولكل من العرب وإيران مصلحة فى إقامة علاقات وثيقة، لكن ينبغى على الطرفين مقابل ذلك دفع تكاليف قد لا تكون ممكنة فى الوقت الحالى، لذلك فالخيار الأنسب اليوم هو تثبيت العلاقات الراهنة، وإيجاد آليات لحسم الخلافات ونقاط التجاذب الرئيسة، سواء فى لبنان أو العراق أو اليمن.
|