المستخلص: |
لا يخفى على الباحثين والمهتمين قيمة المفكر عبد الله العروي على الصعيدين المغربي والعربي، والدولي التي انطلقت من كتبه ومؤلفاته ومنها هذا الكتاب (المشروع) الذي نجده يحدد الهدف من هذا العمل مفهوم التاريخ، وهو يحمل في طياته الدعوة إلى التجديد التاريخي، كما أنه لم يحدد نموذجا معينا يقتدي به إنما ترك المادة التي يتعامل معها تشاركه الاختيار، فهو يحترم موضوع بحثه على الرغم من كثرة الاقتباسات والمقارنات والمقاربات بين نظريات مختلفة، نجده "لييمن" على جميع المراجع التي استقى منها فكره التاريخي بوعي لا باستسلام. فإذا كان القارئ /الباحث يكتشف عند ( ابن خلدون ) أنه لايقف في كتابته التاريخية عند حدود التأريخ، بل يتعدى مهنة المؤرخ ويزاحم في الإتقان والنباهة والاطلاع تشكيل قواعد الكتابة التاريخية، مبدعا لعلم العمران، كاشفا عن الحقيقة التاريخية كميزة بشرية، فإنه يكتشف بأن التاريخ عند " العروي" هو تاريخ الوعي به، ومفهوم التاريخ عند " العروي" عزم وتصميم الإنسان على الوفاء لتاريخيته، فلا فرق بين المؤرخ وبين الإنسان المشارك في عملية البناء التاريخي والتصميم على مواصلة التشييد، فالتاريخ بناء انساني. ومن هنا نجد أن نقطة البدء في فكر عبد الله العروي هي التاريخ، وارتباطه بالناحية المنهجية المعرفية باعتباره (التاريخ) علما، فقد اهتم العروي بشكل أساسي بمسألة الجانب التاريخي عند معالجته قضايا ومشكلات البحث واستعمله بكيفية أوسع في أحداث التاريخ، كما أنه اهتم بالجانب التأسيسي "Foundational " للمفاهيم المحددة والواضحة التي يمكن البناء عليها في سلسلة المفاهيم الواردة في البحث. وهو بهذا المشروع أيضا يوازي في العمق الدعوة إلى تحديث المجتمع ككل بتوفر العلوم والتكنولوجيا ليرتفع مستوى العمل في بحوث التاريخية خاصة لدى المشتغلين بها، وهي ربما أحوج ما نكون إليها، وأن تكون مدروسة بوعي تحقق أهدافها، فهي دعوة لخلق ذهنية معاصرة لدى الدارسين.
|