ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







هل يقبل العرب بأن يحكم العراق بنظام "طالبان" أو عودة نظام "صدام " !

المصدر: مجلة الديمقراطية
الناشر: مؤسسة الأهرام
المؤلف الرئيسي: سويلم، حسام (مؤلف)
المجلد/العدد: مج 5, ع 17
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2005
الشهر: يناير
الصفحات: 165 - 170
ISSN: 2356-9093
رقم MD: 334396
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex, EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

19

حفظ في:
المستخلص: إن كل عربي ومسلم مخلص لبلده ودينه يرفض احتلال العراق بواسطة قوات أجنبية، ولكن بسبب الغيوم والضباب السياسي الكثيف الذي يجتاح العراق من الداخل ومن الخارج، فإن المخلصين في العالم العربي يتخوفون كثيرا من أن يكون خروج سريع للأمريكيين هذه الأيام فرصة للانقضاض على السلطة العراقية من قبل المنظمات الإرهابية والدينية المتطرفة التي أشرنا إليها آنفا. لا سيما وأن التفاصيل بين هذه المنظمات للظهور في الخريطة السياسية القادمة في العراق بعد انسحاب الأمريكيين، هو بقدر ما أسالت من دماء ونحرت من رؤوس وأحدثت من تخريب وأوقعت في النفوس من رعب وذعر وخوف، ومعظمهم ليس حريصا على مصلحة العراق، بل ومنهم الكثيرون ممن لا يمتون لغالبية الشعب العراقي بصلة. ومن ثم يصبح مصير هذا البلد على كف عفريت بتكرار سيناريو الانقلابات، وتعود المنطقة ملتهبة من جديد كما كانت عليه إبان حكم صدام. ولتجنب ظهور صدام آخر، أو صدامين آخرين، فإن المطلوب هو تهيئة الأجواء لبدء العملية السياسية حتى يتسلم الشعب العراقي السلطة ليحكم نفسه بنفسه، وبعدالة التوزيع الانتخابي، وحتى لا يترك البلد بعد خروج الأمريكيين مباحا لكل من يحمل على كتفه رشاش كلاشنكوف أو صاروخ (آر. بي. جي)، ويعمل لحساب قوى خارجية. ولأننا في منطقة لها تاريخ في تدخل الدول المجاورة في الشأن الداخلي لجيرانها والهيمنة على كل شئونها السياسية والاقتصادية وغيرها، وتقسيم الجبهة الداخلية إلى أحزاب تتنافس على الولاء لدول الجوار، فإن هذا التاريخ والواقع المشهود، يجعل انسحاب القوات متعددة الجنسيات من العراق بشكل غير متواز مع حاجة العراق لاستتباب الأمن، دعوة مفتوحة لكل من لديه طموح ومشروعات هيمنة استباقية للتدخل في الشأن العراقي، وفرض وجوده ونفوذه، لا سيما وأن نجاح الديمقراطية في العراق سيغري الشعوب المجاورة على المطالبة بحقها في التمتع بحكم ديمقراطي حقيقي. ولا يوجد غموض فيما يريده الشعب العراقي ينبغي على المجتمع الدولي-بدءا بدول الجوار أن يساعده على نيلها، وتمثل في تحقيق الأمن الوطني بما يعنى التحرر من خوف الصراعات المسلحة الداخلية والخارجية، والسلام الاجتماعي وما يعنيه من القضاء على كافة صور العنف والاضطهاد في الداخل، وتطبيق القوانين الموضوعة، وليس التي تحاول الجماعات المتطرفة والإرهابية فرضها على المجتمع باسم الدين وإقامة مؤسسات الدولة القضائية والأمنية والسياسية التي تؤمن تطبيق الدستور والقوانين على الجميع دون تفرقة وبعدالة كاملة. كما يريد الشعب العراقي تأمين الحريات الفردية في الانتقال والتعبير والتجمع والعيش بكرامة دون تميزات عرقية أو مذهبية، وأن ينخرط الجميع في العملية السياسية ويختارون بحرية كاملة من يمثلهم في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم. إلى جانب الأمن الشخصي والذي يعنى التحرر من الحاجة والعوز وتأمين حاجات المواطن الرئيسية من فرصة عمل وسكن وعلاج وتعليم، وفي النهاية تحقيق الأمن البيئي حتى يعيش المواطن في بيئة صحية نظيفة وغير ملوثة. غير معرض للتهجير أو الطرد وتجفيف موارده المائية والطبيعية، وهو ما فعله صدام حسين عندما جفف الأهوار فحرم سكان هذه المناطق من مصادر رزقها. ولا شك أن نجاح الجدول الزمني لاستعادة العراق استقلاله، يراهن كثيرا على نجاح العراقيين في تحقيق الأمن. لكن نجاح أي نقل للسلطة يعتمد أساسا على صيغة وطنية سياسية هي التي ستسهل ولادة الدستور الجديد، وليس فقط انتخاب الهيئة التي ستقره بصيغته النهائية. ومن أجل ذلك وتحضيرا للاستحقاقات القادمة، سيكون من المستحسن أيضا أن يحزم العراقيون أمرهم بالاعتماد على أنفسهم سياسيا، بدل الاستمرار في لعبة بناء النفوذ بالاتكال على ورقة قرب هذا الطرف أو ذاك من سلطة الاحتلال أو على بعده عنها، أو الاعتماد على نفوذ دول قوية في الجوار الجغرافي. ولعل نشوء نظام حكم عراقي يعكس التعددية في المجتمع، سيساهم في إشاعة انطباع داخل العراق وخارجه بأن الاحتلال من الممكن أن يزول فعلا بمعزل عن أي جدول زمني قد تحترم مواعيده. وعلى رغم كثرة الحوادث الإرهابية التي يتعرض لها العراق اليوم، وتهدد أمنهم واستقراره، فإن الأمل معقود على الشعب العراقي بطوائفه وأعراقه ومذاهبه وعشائره المختلفة، بأن يرقى إلى مستوى المسئولية والاستحقاقات الكبرى التي يؤججها، وأن يتحلى بأكبر قدر من روح الولاء والانتماء الوطني التي ينبغي أن تعلو وتسمو فوق باقي الانتماءات الطائفية والعرقية، ولا تعارض ولا تناقض في ذلك بين الولاء والانتماء للوطن، والولاء والانتماء للدين، حيث يحضنا الإسلام على الارتباط بأوطاننا والدفاع عنها وما تضمه من حرمات لنا. ذلك أن المستقبل يحمل للعراقيين الكثير من التحديات، وليس أمامهم سوى الخروج من هذا النفق المظلم الذي يمرون به حاليا، ويتغلبوا بإرادتهم على التهديدات والمخاطر التي تشكلها عصابات الإرهاب والدم والذبح المتخفية تحت ستار الدين والمقاومة، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بتعزيز الالتحام الوطني، وتوحيد الصفوف وتأجيل القضايا الحساسة إلى مرحلة ما بعد استعادة الاستقلال والاستقرار، والالتفاف حول حكوماتهم المؤقتة، والمشاركة بكثافة في الانتخابات العامة وباقي مراحل العملية السياسية. فذلك هو السبيل الوحيد من أجل بناء عراق موحد ومستقل وآمن. أما البديل عن ذلك فهو الدخول في متاهة الفوضى والدمار والإرهاب والتشرذم والانقسام وتفتيت البلاد. والوقوع في براثن الميلشيات والعصابات ومثيري الفتن ودعاة الحروب الأهلية. وأن تدرك جميع القوى المهتمة بالشأن العراقي في الداخل والخارج أن أحسن ما يمكن تقديمه للعراق في المرحلة المقبلة هو إيقاف غوغائية الداخل ممثلة في المنظمات الدينية المتطرفة، سواء كانت شيعية أو سنية، وغوغائية الخارج التي تعكسها فضائيات تملكها دول خليجية وعربية ومسلمة، وذلك حتى يمكن أن تبدأ عملية الإعمار، وتتحرك الأمور المعيشية للمواطنين نحو الأفضل، ولفتح أبواب العراق للملايين من أبنائه المهاجرين ومعهم الملايين من السياح والحجاج والمستثمرين، وينعم الإنسان العراقي بما أفاء الله عليه من خيرات حرم منها طويلا.

ISSN: 2356-9093

عناصر مشابهة