المستخلص: |
تمتاز الثروة الفقهية العظيمة منذ نشأة الفقه الإسلامي وحتى مرحلة عصر الازدهار مروراً بمراحل تطوره بالاهتمام البالغ من الدارسين والباحثين على مر العصور للكشف عن مكنونات هذه الثروة الهائلة وإظهار ما بها من ذخائر نفيسة لهداية المسلمين في حياتهم الدنيا وسعادتهم في الدار الآخرة، حيث لا سعادة للبشرية إلا بعودة مكانة الإسلام العالية في قيادة الشعوب نحو الخير والصلاح. وللتحكيم أهمية في حياة الناس الاجتماعية (إذ تتجلى حقيقته في روح التعاون والأخوة الصالحة إذ للحكم أن ينوب عن صاحبه). وحقيقة الأمر فإن الأسباب الداعية إلى التحكيم كثيرة، بعد أن اختلطت على الناس حياتهم وعاشوا في ضنك، وتعكر صفو الحياة الأسرية بما يشوب مجتمعنا اليوم من دسائس الحضارات الأخرى، فإننا بحاجة إلى بحث هذا الموضوع أكثر من غيره من، فمن يقوم بمهمة التحكيم لابد أن يكون أقدر على هذا العمل الشاق وخاصة في موضوع الزواج والطلاق وما يترتب عليهما، ومبنى الشريعة السمحة هو تحقيق مصالح العباد في حياتهم وليس استعبادهم وحرمانهم من حقوقهم. فالتحكيم ما هو إلا جزء من التشريع الإسلامي الكبير، الذي يتمثل في الثروة الفقهية الواسعة المستمدة من الوحي الإلهي من كتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام. (ولقد تجلى دور الفقهاء وعمق نظرهم ودقتهم الفريدة التي اكتسبوها من الغوص في فقه أسرار التشريع الإسلامي، وحكمه، ومراميه، بحيث أصبحت ملكاتهم الفقهية موضع تقدير وإجلال خلدت ذكراهم وبقيت مشاعل مضيئة للأجيال التي جاءت بعدهم).
|