ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







قراءة في روايتين لتوفيق يوسف عواد ؛ من الرغيف إلى طواحين بيروت إلى اليوم المجتمع اللبناني في مختلف صوره وحالاته

المصدر: الطريق
الناشر: أنطوان تابت
المؤلف الرئيسي: ضاهر، سارة (مؤلف)
المجلد/العدد: مج 72, ع 4
محكمة: نعم
الدولة: لبنان
التاريخ الميلادي: 2013
الشهر: الشتاء
الصفحات: 230 - 255
رقم MD: 394147
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: يقدم توفيق عواد المشاهد ، الحوار ، الشخصيات ، ويختفي خلفهما ، ولكن ليس تماماً. يروي أحداثاً ذات دلالات ، لا تزال تحيا في ذاكرتنا ، في ما نعيشه ، وفي تاريخنا. فلم يكن أدب عواد مجرد متعة. بل كانت المتعة هي خطوة أولى لننتقل ونبحث في ما تنطوي عليه هذه المتعة ، ما الذي تغيره فينا ، ماذا تقدم لنا ! لعبور ما ينطوي عليه هذا النص وما يريد أن يقوله لنا. انطلاقاً من هذا الشيء ، نشعر أن توفيق عواد كان يعيش قلقاً لعدة أسباب: الحرب ، الهجرة ، الفساد الاجتماعي ، الطائفية. فحرص على كشف خصوصية تلك المرحلة من حياة لبنان. ولكن كيف روى توفيق عواد هاتين الحكايتين؟ كل حكاية تقتضي تشكلاً معيناً لها. فالشخصية التي نراها في "الرغيف" ، نستطيع رؤيتها من مسافة جد قريبة. والشخصية الأساسية هنا ، هي بطل عنده إرادة ، يقاتل ، ويناضل ، ويثور ليحقق مطالبه. ومسار الرواية مرتبط بهذا البطل إلى حد ما. في "طواحين بيروت" نشهد تحولات على مستوى مدينة بيروت بكاملها ، مرحلة انتقالية " من إلى ". من الجو البدائي البسيط ، والتقليدي ، كما في مجتمع "الرغيف" ، إلى الانفتاح المعماري والانفتاح الحضاري الذي تجلى في اللباس ، السلوك ، ووجود السينما ، الجامعة ، المسرح ... أي مرحلة النمو في الخمسينات والستينات. وبذلك جاءت روايتا "الرغيف" التي عكست الحرب العالمية الأولى و "طواحين بيروت" بدء التحولات في المجتمع اللبناني ... بعيدتين عن السرد التقريري ، بل هما خلق فني يحيلنا بإيحاءاته على واقع مأساوي. وهكذا تشكلت البنى الفنية في علاقاتها مع هاتين الروايتين ، سواء على صعيد اللغة ، الشخصيات. فإن استقلالية الشخصيات تتجلى ليس فقط بتكوينها كشخصية وحركتها ودورها في الرواية. ولكن أيضاً في لغتها. فلغة الشخص الكبير (زينة) تختلف عن لغة شخصية الصغير (طام). وكذلك لغة المثقف (رمزي رعد) تختلف عن شخصية البلطجي (حسين القموعي) ... يعطي الكاتب كل شخصية ، اللغة التي يجب أن تحكيها ، هذا ما يدل على خبرة توفيق عواد ، كروائي ، بالحياة. أي أنه لا يقول الأشخاص أقواله هو. لذلك هناك نقلة كبيرة في الرواية اللبنانية ، على صعيد روائية الرواية وبنية الرواية. كذلك الأحداث. الأحداث التي عاشها عواد وعاشها اللبنانيون في مرحلة تاريخية وفي واقع اجتماعي معين. وهنا يبرز أثر الحياة أو "المرجع الحي" حسب صيغة الناقدة د. يمنى العيد. هذا المرجع الذي يشكل المشاهدات والحياة التي عاشها الراوي. هذه الحياة ترتسم في الذاكرة. هذه الحياة التي نعيشها ، باختلافها وتطوراتها ، هي الواقع الاجتماعي ، هذا الواقع غير موجود بشكل عار بل يمتزج بنا ، لأننا نعيشه ، نعانيه ، نبحث عنه ، نفكر به ، نتأمله ... نسائله ، يشكل لنا هواجس معينة. كما نلحظ الفرق في صورة بيروت بين الروايتين. صورة الشخصيات في "طواحين بيروت" ، هي شخصيات زمن الستينات: التمرد الشبابي ، الثورة الطلابية ، التحركات ضد الرأسمالية ، ضد الأغنياء المسيطرين على مدينة بيروت ، وبداية الفساد الإداري ، الاجتماعي والأخلاقي ... الذي يتجلى في صراع البطلة "تميمة" كي لا تنجرف بهذا الفساد. وكيف دخلت الحياة في "المدنية المختلفة عن الريف". هي بمجملها شخصيات معاصرة لزمن الستينات. فدخل توفيق عواد في عقلية المدينة الواصلة حديثاً إلى محطة الحداثة والمبهورة بهذه الحداثة ، وما تحمله من كَمّ من التصنع والعفوية لتقبل الحداثة. وهذه براعة من عواد ، عندما ترك شخصيات "الرغيف" يعيشون في الزمن المناسب لهم ، من حيث طبيعة أخلاقهم ورؤاهم. هو زمن الحرب العالمية الأولى ، التحركات ضد المستعمر التركي. وبذلك يبرز عواد ممسكاً بطابع الزمن ومناخه. من هنا تختلف الروايتان ، بحيث لا نستطيع نقل الشخصيات من رواية إلى أخرى. بين "الرغيف" و "طواحين بيروت" صلات وصل كثيرة على الصعيد الاجتماعي. فقد أرخت الأولى لجيل الآباء وجسدت لحظة انهيار صيغة المتصرفية وعودة الحكم العثماني إلى جبل لبنان وما رافقه من ويلات ومشانق. وأرخت الثانية لجيل ما قبل الحرب الأهلية ، وجسدت لحظة تاريخية مهمة ، مرحلة سقوط الصيغة اللبنانية ، فكان ذلك السقوط مؤشراً على دخول لبنان في حرب أهلية ما زالت نتائجها السلبية تتفاعل حتى الآن. لكن توفيق عواد لم يؤرخ للحرب نفسها ، الحرب الأهلية اللبنانية. فربما بقي تحت تأثير الصدمة ، ولم يتبين له الخيط الأبيض من الأسود في مصير بلاده.

عناصر مشابهة