المستخلص: |
تهدف هذه المقالة إلى دراسة الحالة الاقتصادية للنساء الفلسطينيات في مدينة يافا (تل أبيب – يافا)، وإلى المساهمة في فهم الحالة الاقتصادية للنساء الفلسطينيات في المدن الساحلية أو ما يسمى إسرائيليا المدن المختلطة. وتتعامل المقالة مع عدد من الجوانب البحثية التي لم تتطرق إليها الأبحاث القائمة بشكل معمق حتى الآن، فهذه الأبحاث، وعلى الرغم من اختلاف المشارب الفكرية والتوجهات، تناولت وضع النساء الفلسطينيات في إسرائيل عامة، من دون أن تتعمق في دراسة فروقات الأوضاع الاقتصادية للنساء بين مختلف المناطق الجغرافية في إسرائيل، أو تأثير خصوصية مكان السكن في الأوضاع الاقتصادية للنساء الفلسطينيات؛ ولم تتناول بشكل معمق الأوضاع الاقتصادية للنساء العربيات في مدن الساحل (المدن المختلطة)، ولم تتعمق في دراسة تأثير اندماج إسرائيل في الاقتصاد العالمي (العولمة الاقتصادية)، من حيث التغيرات في مبني الاقتصاد والصناعة في إسرائيل منذ أواسط التسعينيات، في الحالة الاقتصادية للنساء الفلسطينيات، إذ تعتبر مدينة تل أبيب – يافا أكثر المدن والمناطق الإسرائيلية تأثرا واندماجا في الاقتصاد العالمي إلى درجة تسميتها "مدينة معولمة". تساهم دراسة حالة النساء العربيات الاقتصادية في مدينة تل أبيب – يافا، في ملء الفراغ البحثي المذكور، لأن الحالة الاقتصادية للنساء العربيات في يافا، تعكس، ضمن ما تعكس، تجليات السياسات المعمول بها تجاه النساء الفلسطينيات في دولة إسرائيل بصورة عامة، وتظهر أهمية التعامل مع خصائص الحيز السكني الأول الذي ينتج الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للنساء الفلسطينيات. وتبرز حالة يافا أهمية تناول إسقاطات العولمة الاقتصادية على النساء الفلسطينيات، كونها تشكل هامشا اقتصاديا على أطراف أكبر المدن الإسرائيلية ذات الاقتصاد الأكثر تطورا واندماجا في الاقتصاد العالمي، لأن العولمة الاقتصادية، وفقا للأدبيات النسوية، تؤثر بشكل مباشر في الأوضاع الاقتصادية للنساء، وفي مشاركتهن في أسواق العمل. تنطلق هذه المقالة من أهمية التعامل البحثي مع خصوصية حالة النساء الفلسطينيات في إسرائيل عامة، والعربيات في يافا خاصة، من حيث وجود سياسات اقتصادية حكومية تعمل على إعاقة تطوير وتنمية الاقتصاد العربي والمجتمع العربي. وعلى الرغم من عدم التطرق المباشر إلى تلك السياسات، فإنه لا بد من الإشارة إلى وجود سياسات حكومية تتعامل مع الاقتصاد كمصدر قوة قومي وكأدوات سيطرة تجند لمصلحة مجموعة الأغلبية في دولة إسرائيل (شحادة 2006). ففي الحالة الإسرائيلية لا يمكن فهم تأثير خصائص الحيز ومكان السكن وتأثير العولمة الاقتصادية في النساء العربيات من دون دمجها في السياسات العامة المنتهجة تجاه العرب في المدن الساحلية – المختلطة، والسياسات العامة التي ترى في الاقتصاد جزءا من المصالح القومية، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار وجود سياسات تتيح لمجموعة قومية إمكانات التعامل مع التغيرات التي تفرضها العولمة الاقتصادية على اقتصاد تل أبيب – يافا، بينما تقصي مجموعة أخرى من تلك الإمكانات بغية الحفاظ على الوضع القائم وتقاسم الوظائف والتراتبية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تمكن المجموعة اليهودية من بسط سيطرتها والحفاظ على تفوقها. وسنوضح هذه الادعاءات من خلال دراسة المعطيات المتوفرة بشأن الحالة الاقتصادية للنساء العربيات في يافا منذ أواسط التسعينيات حتى الآن. بغية رصد الحالة الاقتصادية للنساء العربيات في يافا، ودراسة تأثير التحولات الاقتصادية نتاج العولمة في النساء العربيات، سنقارن بين مؤشرات اقتصادية أساسية للنساء العربيات في يافا خاصة، والنساء العربيات في إسرائيل عامة. ومن أجل رصد الفروقات في تأثير العولمة الاقتصادية في النساء العربيات واليهوديات، والتي تفسر في حالتنا بالسياسات الحكومية وسياسات السلطة المحلية المتعددة للفئتين، فإننا سنقارن بين مؤشرات اقتصادية للنساء العربيات واليهوديات في تل أبيب – يافا، في فترات زمنية متنوعة، قبل وبعد الاندماج الكامل للاقتصاد الإسرائيلي في العولمة، ونضوج تأثيراتها في الأعوام الأخيرة.
|