المستخلص: |
حين ظهر الإسلام في مكة واجه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنه مقاومة شديدة من رجال الملأ، ودفع ذلك بالرسول صلى الله عليه وسلم للهجرة إلى يثرب (المدينة المنورة) بعد أن رحب أهلها بالرسول صلى الله عليه وسلم وأعلنوا البيعة له، ومن هنا قدر للدولة الاسلامية أن تنشأ في المدينة المنورة. وقد كانت الدولة لدى العرب قبل الاسلام تتمثل بالقبيلة فلم تكن في بلاد الحجاز قبل ظهور الاسلام دولة عامة بالمعنى القانوني الذي نفهمه الآن عن الدولة، وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يكون دولة اسلامية يدخلها الناس بصرف النظر عن قبائلهم وأجناسهم وأديانهم، والانتساب إلى هذه الدولة لا يتطلب نسباً معينا أو ثروة خاصة وإنما إيمان بالرسالة والالتزام بمبادئها والتضحية في سبيلها. وكان من أهم النتائج التي تمخضت عن حركة الهجرة النبوية إلى المدينة هو إنشاء أول حكومة اسلامية تخضع لإدارة الرسول صلى الله عليه وسلم وإشرافه التام في ذلك الجزء الصغير من بلاد العرب وتأخذ على عاتقها مهمة نشر الدعوة الإسلامية وقد تناول البحث تنظيمات الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فمنذ دخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة أخذ يعمل على تثبيت أوضاع الدولة الاسلامية على أسس راسخة من خلال إنشاء بعض المؤسسات والتنظيمات التي تساعد على ذلك فكان بناء المسجد الخطوة الأولى بوصفه اللبنة الأولى للبناء الاجتماعي والديني للدولة الجديدة، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بالمساعدة في بناء المسجد وعمل هو بنفسه في البناء وأصبح المسجد مركز الدولة الجديدة ومقراً للمشاورات في الشؤون العامة الى جانب كونه محلاً لعبادتهم. ثم أعقب بناء المسجد إعلان المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي أخذت تواجه المهاجرين بعد وصولهم الى المدينة المنورة وبذلك عدت المؤاخاة تجربة رائدة في تاريخ العدل الاجتماعي إذ ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم فيها مثلاً على مرونة الاسلام وانفتاحه في الظرف المناسب على أشد أشكال العلاقات الاجتماعية مساواةً وعدلاً. وبعد بناء المسجد وإعلان المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار اخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يعمل على تنظيم العلاقات بين سكان المدينة المنورة من جهة وتثبيت أركان الدولة الجديدة من جهة أخرى فقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بإعلان الوثيقة (الصحيفة) التي عدت دستوراً للمسلمين في تنظيم الحياة العامة في المدينة وتحديد العلاقات بينها وبين جيرانها كما ويدل الدستور على مقدرة فائقة من الناحية التشريعية وعلى علم كبير بأحوال الناس وفهم ظروفهم وبعد ذلك أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بتنظيم جيش للمسلمين يعمل على إعلاء كلمة الله وتعزيز وحماية المجتمع الاسلامي، وبهذا الجيش تغيرت طبيعة الحرب لدى العرب في الاسلام فلم تعد غزواً للآخرين بغية الغنيمة والكسب كما هي في حروب القبيلة وانما حرباً لخدمة الاسلام والدفاع عن معتنقيه وتمكين حرية انتشاره والسعي لتطبيق شريعته.
When Islam came into being in Mecca, the Messenger (peace be upon him) and his companions faced a strong resistance, which made him migrate to al-Madina al-Munawwarah whose people welcomed him and pledged allegiance to him, there the Islamic state was established in al-Madina al-Munawwarah. The study deals with the Messenger’s activities in al-Madina al-Munawwarah. When the Messenger (peace be upon him) entered al-Madina, he started setting up the Islamic state on solid basis through establishing some institutions and organizations among which the building of the Mosque was but the first step that led to the social and religious construction of the new state. Then he declared the fraternity between al-mahajireen and al-ansar to solve the social and economic problems faced by al-mahajireen upon their arrival at al-Madina al-Munawwarah. Then the Messenger (peace be upon him) began to organize the relationships among the people of al-Madina on the one hand and establish the pillars of the new state on the other hand. Thus the Messenger (peace be upon him) forwarded the constitution for the Muslims to organize their life in al-Madina and determine their relationships with the neighbouring cities. Such constitution reflected the legislation and comprehended the conditions of the people. Then, the Messenger (peace be upon him) turned to the Islamic army trying to organize to exalt the Word of Allah and protect the Islamic community.
|