المستخلص: |
تعدّ قضية "التنمية الاجتماعيّة" ومكوناتها الفكريّة، والاقتصاديّة، والإداريّة من أهم القضايا المحوريّة في الخطاب القرآنيّ،من حيث بيان حقيقة ما ترمي إليه التنمية الاجتماعيّة، من تحسين للظّروف الماديّة والمعرفيّة للأفراد والجماعات البشريّة، ومن حيث كونها تنظيمًا للسلوك الاجتماعيّ والنفسيّ الدّافع لتحسين ظروف المعيشة الاجتماعيّة. ومع العلم بأن القرآن الكريم ليس بوثيقة تنمويّة، ولا هو بنظريّة اجتماعيّة، بل هو الوحي الإلهيّ المعصوم،الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إلا أن تعاليمه تضمّنت أسساً معرفيّةً،ومقوّمات فكريّة لا تستغني عنها عمليّة التنمية الاجتماعيّة. وترشدنا الآيات القرآنية في مجال الأخلاق والقيم الفكريّة المتعلّقة بالعمران الحضاريّ، ووظيفة الإنسان في الأرض ، إلى أن تحسين السلوك النفسيّ والاجتماعيّ للإنسان،في إرادته وتصوراته الفكريّة والمعرفيّة، هي التي تحدد معلم التنمية الاجتماعيّة الحقيقيّة، والعمران الحضاريّ للبشر.فالله -سبحانه وتعالى - افتتح نزول الوحي بقوله : (اقرأ) (سورة العلق :1)، وفي ذلك إشارة إلى أهميّة العلم والمعرفة،وذلك أن بقاء الأمم،واستمرار عمرانها مرهون بمعرفتها الثقافيّة والفكريّة، حيث إن التنمية الحقيقيّة لأمّة مّا،ليست البنايات العلية ،ولا العمارات الفاخرة فحسب،بل الأفكار والمبادئ الفكريّة،وأنماط التفكير المشكّلة لأذهان الأفراد،والمتداولة في أوساطها أيضاً،ومنها "الوحدة الاجتماعيّة"،أي أن ضعف أمّة مّا - سياسيًّا كان هذا الضعف أو اجتماعيًّا- يحل بهم عند غياب الوعي بروح تعاون الأمة ووحدتها الذاتيّة، وعند فقدان التّماسك الدّاخليّ، العاطفيّ منه والماديّ للأفراد، ولهذا قال سبحانه : (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (سورة الأنفال :46).ومنها "العدالة" أي المساواة في الحقوق والواجبات ،حيث يرشدنا القرآن الكريم إلى أن الظلم الاجتماعيّ - الماليّ منه ،أو القانونيّ، أو السياسيّ- يؤدّي إلى الهلاك ، طبقاً لقوله تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا)(سورة الكهف :59).ومنها "العمل"، طبقاً لقوله تعلى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )(سورة النحل الآية: 97). بمنهج تحليليّ ،استهدفت الدراسة الحاليّة تحليل أسس"التنمية الاجتماعيّة"و"محورها" في المنظور القرآنيّ ودراستها. وتناولت الدّراسة هذه الأسس من خلال استقراء النّصوص القرآنيّة الواردة في الموضوع ،وعرض أراء المفسّرين والمفكّرين المسلمين الذين كتبوا في الموضوع،ثم تأتي الخاتمة،وفيها نتائج وتوصيات الدراسة.
To improve the intellectual, social, economic and moral conditions of human life is among the fundamental themes of the Qur’anic discourse. This study uses analytical method to analyze the concepts ,themes and basic principles of social development from the Qur’anic perspective. In addition to theintro duction which highlights the importance, aim and scope of the study, this study is divided into three parts. The first parts deals with the definition of the basic concepts of social development in the Qur’an. The second part deals with the themes of social development while the third deals with the basic principles of social development in the Qur’an including knowledge, social justice, continuity of hard work and social unity. The study concludes that; according to the Qur’an, social development means better coordination and usage of natural resources, human needs and human behavior.
|