المستخلص: |
تعود العلاقات التي تربط الشعب التركي بالشعب العربية إلى العصر العباسي؛ حيث دخلت أعداد كبيرة من الأتراك في الدين الإسلامي بدون إراقة دماء, وكان للإسلام دور على مدى أربعة عشر قرنًا في جمع العرب والأتراك كعمودين أساسيين تقوم عليهما الأمة الإسلامية. وبعد انهيار الخلافة العثمانية, ابتعد الحكم التركي في عهد كمال أتاتورك عن العالم العربي, وبدأ يركز على التغريب, وتغيرت البوصلة التركية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية, وصارت معتمدة بصورة أكبر على الغرب عسكريا واقتصاديا. حتى السبعينيات من القرن الماضي حين أدرك حكام تركيا مدى أهمية الانفتاح على العالم العربي. وجاءت مرحلة الصحوة في تركيا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي في عصر ((تورجوت أوزال))؛ حيث انفتحت تركيا على العالم الخارجي, وجعلت نظامها السياسي والاقتصادي في تواصل مع المجتمع الدولي؛ معتمدًا في خطته التنموية على الديمقراطية وسياسة الانفتاح الاقتصادي, وبعد موت أوزال في عام 1992م عانت تركيا من ضعف القيادة وعدم الاستقرار الاقتصادي, حتى وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة. ولأن صعد مجموعة سياسية ناشئة يواجه بصعوبات كبيرة؛ بسبب عدم إمكانية إحداث تغيير في النخب السلطوية الحاكمة, وفي ظل عدم السماح للعديد من القوى التي تتبنى الفكرة الإسلامية بالوصول إلى السلطة في الدول الإسلامية, من خلال العملية الديمقراطية؛ فإن نجاح أردوعان في الوصول إلى سدة الحكم كان في حد ذاته تطورا مهما, ومن هنا استحق وصول هذه الحركة الإسلامية إلى السلطة في تركيا العلمانية تحليلا شاملا. تتناول الدراسة بالتحليل أسباب نجاح حزب العدالة والتنمية التركي في تجربته, سواء على الصعيد الداخلي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا, وفي مجال حقوق الإنسان والحريات, أو على صعيد السياسة الخارجية, واستخدام القوة الناعمة في تعاملها مع الخارج. كما تبحث الدراسة في مدى علاقة التجربة التركية بثورات الربيع العربي في ضوء التحليلات القائلة بأن ((نجاح الديمقراطية التركية تحول إلى مصدر إلهام للربيع العربي)), وتحاول الدراسة استشراف مستقبل العلاقات العربية التركية في مرحلة ما بعد الثورات.
|